عمان- يرتبط ظهور مرض المياه البيضاء في غالبية الأحيان بالتقدم في السن، لكن التدخين والتعرض لأشعة الشمس المضرة يزيدان المشكلة سوءاً، إلا أن ثَمَّة نوعاً من أنواع مرض المياه البيضاء يظهر منذ الولادة ويكون سببه تعرض الجنين لعدوى أو إشعاعات معينة أو لسبب وراثي، ولحسن الحظ، هناك عملية جراحية بسيطة يمكن إجراؤها للتغلب على مشكلة المياه البيضاء.
يتطور مرض المياه البيضاء ببطء وصمت، مع مرور السنين لكنه لا يؤلم، ولا يلاحَظ وجوده إلا بعد أن تتكون سحابة بيضاء على عدسة العين وتبدأ في تشويش الرؤية العادية، ومن أعراض هذا المرض عدم وضوح النظر وصعوبة الرؤية في الليل، بالإضافة إلى الحساسية تجاه الضوء، ورؤية هالات حول الأضواء، وملاحظة بأن المريض يحتاج الى ضوء أقوى من العادي لأجل القراءة وممارسة أنشطة أخرى، فضلا عن تكرار الحاجة إلى تغيير النظارات أو العدسات الطبية بين فترة وأخرى وعدم وضوح الألوان وميل مظهرها بالنسبة إلى بعض المرضى إلى الاصفرار ومن الأعراض أيضا وجود حول في عين واحدة للمريض.
مثل هذه الأعراض تجعل المريض يواجه صعوبة في قيادة سيارته، وتجعله يرى ضوء الشمس وأضواء المصابيح بلون أفتح، ومما يجب معرفته أن مرض المياه البيضاء لا يسبب أي حكة أو ألم أو احمرار في العين، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى بعض أمراض العيون الأخرى. وهو لا يكون خطيرا تماماً على صحة العين إلا إذا تأخر علاجه وأصبحت الطبقة التي تتكون فوق عدسة العين بيضاء تماماً، وحينها يمكنها أن تسبب التهاباً في العين وألماً وصداعاً في الرأس، ساعتها يكون التدخل الجراحي حاجة ملحة جداً لئلا يفقد المريض بصره.
ويمكن أن تصيب المياه البيضاء عيناً واحدة أو الاثنتين معاً، وقد تؤثر في جزء صغير من عدسة العين وقد تؤثر فيها كلها، في الحالات العادية يمر الضوء إلى العين عبر العدسة والقرنية، وعندما تصاب العدسة بالمياه البيضاء فإن البياض يغطيها وكأنه سحابة على العين، ما يقلل من مرور الضوء ويجعل العين غير قادرة على رؤية الأشكال والألوان بوضوح، ومع التقدم في السن، تصبح العدسة أقل شفافية وأكثر سُمكاً.
وليس التقدم في السن هو المسبب الوحيد لمرض المياه البيضاء، بل إن هناك أشخاصاً يولدون بهذا المرض أو يصابون به في مرحلة الطفولة، حيث يولد الطفل بالمرض إذا أصيبت أمه أثناء الحمل بالحصبة الألمانية مثلاً، وتجدر الإشارة إلى أن المياه البيضاء التي يولد الطفل مصاباً بها، لا تؤثر في النظر كما أنه يمكن تصحيحها بعملية جراحية تحت التخدير الموضعي؛ حيث تكون العملية من تغيير العدسة واستبدالها بعدسة أخرى أنقى، وذلك عن طريق تقنية جهاز”phaco” وأحياناً لا يتم تغيير العدسة، بل فقط تتم إزالة الغشاوة البيضاء التي تتكون فوق عدسة العين، وتصل نسبة نجاح عمليات إزالة المياه البيضاء إلى 95 في المائة فما فوق.
ويفضل إجراء العملية لكل عين على حدة وليس للاثنتين مرة واحدة، وذلك يعتمد على حسب الخطة العلاجية للمريض؛ إذ يتم استعمال تخدير موضعي، ويكون الشفاء ومغادرة المستشفى سريعين بعد العملية، حيث يمكن للمريض متابعة أنشطته العادية أو قيادة السيارة خلال أسبوع الذي أُجريت فيه العملية، حيث يتم إجراء فحص سلامة النظر وفي المراحل الأولى من الإصابة بهذا المرض، يمكن اتباع أسلوب عيش صحي وأن يسهم في تحسين الحالة أو على الأقل وقف تدهورها، وذلك مثلاً باستعمال عدسة مكبرة وضوء أقوى للقراءة ولكل مكان في البيت ولا بد من عدم التدخين، وحماية العين من أشعة الشمس فوق البنفسجية، عن طريق ارتداء نظارات شمسية مناسبة والتي تقي كثيراً من خطر إصابة العين بالمياه البيضاء المرتبطة بالتقدم في السن، أيضاً من اللازم على الشخص المصاب بمرض السكري مثلاً، أن يهتم بضبط معدلات السكر لديه حتى لا تؤثر سلباً في صحة عينيه، ويمكن لكل منا أن يجري فحصاً دورياً للعين كي يطمئن على خلوها من الأمراض.
إنّ أهم خطوات الوقاية في ما يتعلق بمرض المياه البيضاء الذي يصيب العيون، هي الانتظام في فحص العيون بين الفينة والأخرى، وإذا كانت سن المريض أكثر من 65 سنة فعليه أن يجري الفحص مرة في السنة على الأقل، كما ينصح المتخصصون بتجنب التدخين؛ لأنه يسرع في إنتاج المواد التي تكوّن الغشاوة البيضاء، كما ينصح باتباع نظام غذائي متوازن ومتنوع يحتوي على الكثير من الفواكه والخضار، ووقاية العيون من أشعة الشمس فوق البنفسجية، من خلال ارتداء نظارات شمسية مناسبة خارج البيت، وأخيراً ينصحون بمعالجة جميع المشاكل الصحية الأخرى التي تؤثر أحياناً في صحة العين، وأبرزها مرض السكري الذي يؤثر بشكل مباشر في صحة العيون.
الدكتور إياد الرياحي
استشاري طب وجراحة العيون/ المدير الطبي لمركز العيون الدولي