لاشك في أن الأعمار بيد الله عز وجل، وأن لكل إنسان أجله المحتوم، وقدره المكتوب سواء طال أو قصر، غير أن هناك أسباباً وعوامل من شأنها أن تزيد في العمر، منها الاستشفاء بالأدوية والعلاجات، بالإضافة إلى الرياضة المنتظمة والتغذية الصحية، فهي أيضاً من أقدار الله، ولا تنافي بينها وبين ما قدره الله على العبد من موافاة أجله.
قبل أيام نشرت مجلة «Social Science & Medicine» بحثاً لإحدى الجامعات الأمريكية توصلت فيه، باختصار، إلى أن قراءة كبار السن الكتب قد تساهم في أن يعمِّروا طويلاً، وأجريت الدراسة على ثلاث فئات من المجتمع، الفئة الأولى ممن لا يميلون إلى القراءة البتة، والثانية يبلغ متوسط قراءتهم في الأسبوع ثلاث ساعات ونصف الساعة، أما الفئة الثالثة فهم مَنْ يزيد معدل قراءتهم على أربع ساعات في الأسبوع.
لم تذكر الدراسة العلاقة المباشرة، أو السر بين القراءة وبين إطالة العمر، خاصة لكبار السن، فالإنسان يدرك أن القراءة تعني اكتساب العلم والمعرفة بالتالي هي ضد الجهل والظلام، وأن الشخص كلما كان ذا علم وبصيرة، كان أكثر وعياً بما ينفعه ليس في الجانب الصحي فحسب، وإنما في جميع أموره الحياتية، وبالتالي ستكون لديه فرصة أكبر لأن يعمِّر نتيجة مراعاته صحته، ونظامه الغذائي، وكيفية مواجهة الأمراض المستجدة، والحوادث الناشئة عن «عوارض الحياة الطبيعية».
في رأيي أن هذه الدراسة – فضلاً عن أنها جاءت متأخرة – لم تقدم جديداً، ونتائجها بديهية، لا تحتاج لإثباتها إلى أدلة واضحة في ذاتها، ولا أعلم هل هي دعوة إلى القراءة بأسلوب جديد، مع العلم أن كبار السن نادراً ما يقومون بشيء لم يعتادوا عليه في الصغر مثل القراءة؟ أم إنها محاولة لإطالة العمر نتيجة حب الحياة المتأصل في الغربيين؟ ما دعاني لكتابة هذه الكلمات، بغض النظر عن صحة نتائج هذه الدراسة وجدواها، وهي بلاشك كذلك، هو التنبيه إلى أن كتاب الله عز وجل «القرآن العظيم» هو «أجدر» ما على الإنسان قراءته والتأمل فيه، ولو قام أحد الباحثين المسلمين بدراسة أثر حفظ القرآن الكريم على كبار السن لاكتشف ما يذهل ليس فقط من حيث إطالة العمر، وإنما كذلك زيادة البركة فيه، وفي جهده، وعمله وجميع شؤون حياته، وهو أمر مشاهد، ويُعد الأهم في قضية طول العمر وقصره، ولربما طال العمر حتى بلغ أرذله، وتمنى الموت وهو ليس على الجادة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس من طال عمره وحسُن عمله».