الشيخوخة هي موضوع مهدد يخشى الكثيرون منا التفكير فيه، ولكنه أمر لا مفر منه. الخبر السار هو أن الدراسات الحديثة وجدت أنه من الممكن تحسين صحة المسنين والتمتع بشيخوخة صحية!
اذا اردنا ان نسمي الاشياء باسمائها، فالشيخوخة ليست مسالة مريحة. فعملية الشيخوخة تحدث في الواقع لدى الكائنات الحية وتنطوي، في معظم الحالات، على المعاناة والامراض المختلفة التي بعضها تكون خطيرة ومزمنة (مثل: مرض السكري، الخرف، الباركنسون، امراض القلب المختلفة، السرطان وغير ذلك. بالاضافة الى ذلك، فان العديد من المسنين يعانون من الام بسبب او بدون سبب سريري لذلك. من المهم ان نذكر انه مع تقدم العمر تحدث تغيرات دراماتيكية سلبية في صحة المسنين، في تكوين الجسم، الوزن، عمل الدماغ، الحيوية، الحالة المزاجية، مستوى الحركة اليومي وغير ذلك. الطريقة لتجنب هذا هي، بطبيعة الحال، السلوك السليم خلال جميع دوائر الحياة وخاصة – في سن الشيخوخة.
عندما يتعلق الامر في صحة المسنين وباعتماد نمط حياة صحي، فمن المهم التدقيق في التفاصيل الصغيرة.فاتباع عادة صغيرة يعطي نتائج رائعة بعد بضعة اشهر او سنة. على سبيل المثال، تقليل ملعقة كبيرة من زيت الزيتون التي لا داعي لها على الاطلاق في سلطة الخس التي هي بحد ذاتها غنية بالدهون (المكسرات في هذه الحالة) يؤدي الى تقليل 3 كغم في نهاية السنة. مثال اخر هو مدى النشاط البدني. اذا زاد استهلاك السعرات الحرارية خلال الاسبوع من 800 سعرة حرارية في الاسبوع الى 1500 ففي غضون ستة اشهر، تاثير ذلك على الوضع الصحي سيكون واضحا جدا. في هذه النقطة نذكر انه مع التقدم العمري يحدث المزيد من التراجع الملموس في الاداء الوظيفي، لذلك لا يمكن المقارنة من حيث الاداء الوظيفي البدني، السنوات ال- 50 الاولى وال- 50 عاما، التي تشكل الجزء الثاني من الحياة. احيانا يمكن حتى وصفها بال- 50 عام الجيدة وال 50 عام الاقل جودة.
النقطة المهمة هنا هي انه في كل جيل يمكن اجراء تغيير! حتى عندما نعاني بشكل كبير من الاكتئاب، امراض القلب، امراض العضلات-العظام المختلفة وغير ذلك. الهدف، في معظم الحالات، هو ليس الشفاء من المرض، وانما بالاساس التقليل الكبير من الادوية المستخدمة، تحسين نوعية الحياة، وغير ذلك. من المثير للاهتمام انه ربما المريض المصاب بمرض السكري الحاد (نوع 1) والذي هو اليوم بجيل 79 سنة سوف يعيش سنتين او ثلاث سنوات اكثر من صديقة الذي في نفس عمره والذي يتمتع اجمالا بصحة جيدة، ولكن هذه ليست هي النقطة الاساسية لان الاهتمام يجب ان يكون على نوعية حياة الانسان، وبشكل اقل على متوسط العمر المتوقع.
في الكثير من دور الرعاية بما فيها دور المسنين، فان المسنين فوق سن 60 لا يتدربون احيانا مطلقا، او حتى اولئك الذين يتدربون، لا يحرصون بالفعل على تطبيق توصيات المنظمات المهنية الرائدة في العالم مثل ACSM ، وزارات الصحة وغيرها. لذلك، قد تكون هناك حالة التي يمارس فيها مسن او اخر النشاط البدني، ولكن ذلك لا يكون فعالا ومناسبا بالنسبة له. او عندها، على الرغم من ذلك فان عملية الشيخوخة تستمر بالتقدم بوتيرة متسارعة وعلى ما يبدو ان اهداف التدريب لن تتحقق. واحدة من اهم الامور في هذه الحالة هي خفض الجيل الوظيفي بشكل كبير بقدر ما يمكن وذلك بالمقارنة مع العمر الزمني. هذا الامر يمكن القيام به! ولكنه يتطلب بذل مجهود من قبل الشخص في كل جيل. بالاضافة الى ذلك، فمن الواضح انه كلما بدئنا باتباع السلوك الصحيح من حيث نمط الحياة الصحي في سن مبكرة اكثر فبالتالي فان النتائج وتحقيق اهداف التدريب ستكون افضل.
تجدر الاشارة الى انه عند اجراء مقارنة بين النساء والرجال في سن الشيخوخة فان متوسط العمر المتوقع للنساء بشكل عام هو اعلى وذلك لاسباب مختلفة والتي لن ناتي على ذكرها هنا. في هذا السياق تجدر الاشارة الى ان النساء يمكنهن الوصول الى مرحلة الشيخوخة وهن يتمتعن بصحة جيدة. نورد هنا دراسة مثيرة للاهتمام حول صحة المسنين اجريت في جامعة واشنطن في سياتل، الولايات المتحدة الامريكية ((Biobehavioral Nursing and Health Systems، University of Washington، Seattle، WA، USA)، والتي فحصت كيف يمكن للنساء الوصول الى مرحلة الشيخوخة بصحة جيدة؟
تناول البحث تطوير النمط الظاهري الايجابي للشيخوخة لدى النساء. شملت الدراسة نساء بجيل 65 وما فوق وفحصت جوانب مختلفة من الشيخوخة والعلاقة بين جانب واخر، من اجل تقييم مساهمة كل عامل ودمج عدد من العوامل كطريقة للتنبؤ بموعد الوفاة المقدر، عدد سنوات التي بقيت للعيش بشكل صحي (دون دخول المستشفيات او تشخيص لمرض خطير) وعدد السنوات المتبقية للعيش بشكل مستقل (دون الحاجة لمساعدة دور المسنين او الرعاية المنزلية). اخذت البيانات من السجلات الطبية للمشاركات في الدراسة وتم متابعتها لمدة ثماني سنوات.
تم الكشف عن النمط الظاهري للشيخوخة الصحية والذي شمل عاملين – الاداء البدني-الاجتماعي والاداء الحسي. هذان العاملان استطاعا التنبؤ بالنتائج بشكل جيد، ولكن الاداء البدني-الاجتماعي كان هو عامل التنبؤ الاقوى. كل زيادة معيارية في الاداء البدني-الاجتماعي رافقها انخفاض قدره 23.7٪ في خطر حدوث الموت، انخفاض نسبته 19.4٪ في خطر دخول المستشفى او الاصابة بمرض خطير وانخفاض ب- 26.3٪ في خطر عيش حياة غير مستقلة.
استنتاجات الدراسة – الاداء البدني- الاجتماعي والاداء الحسي هي المكونات الاساسية للنمط الظاهري في صحة المسنين للشيخوخة الصحية.
في الملخص، تحسين نوعية الحياة في سن الشيخوخة مهم جدا، خاصة بالنسبة للنساء فمن المهم الحرص على دمج الاداء البدني- الاجتماعي والحسي.