الى جانب ما تُقدّمه وما تبتكره هيئة الصحة في دبي من خدمات ذكية وتطبيقات متطورة لتحقيق رضا المتعاملين وإسعادهم، يبقى مركز ملتقى الأسرة التابع للهيئة الوجه الإنساني المميز، وهو مصدر إسعاد واحدة من أهم الفئات التي توليها الهيئة جل اهتمامها، وهي فئة كبار السن، ممن يستقطبهم المركز ويحتضنهم في تجربة استشفاء ورعاية متكاملة نموذجية، يقوم عليها نخبة من المتخصصين، وفريق عمل على أعلى درجات الاحترافية تقوده الدكتورة سلوى السويدي مدير المركز.
في مركز ملتقى الأسرة العديد من المشاهد والحقائق التي تعكس قصة نجاح استثنائية في مضمونها ومظاهرها وخدماتها، وتعكس كذلك تفوق المركز وريادته، ليكون هو الوجهة المفضلة للمسنين ممن ينشدون السعادة والأمل وتجديد الحياة والنظر إلى المستقبل بروح التفاؤل، في هذا المركز تبددت كل المفاهيم والصورة الذهنية المألوفة لمراكز رعاية المسنين، فإدارة المركز ترفض بواقعية شديدة أن تختزل واحة الاستجمام فيها والعناية الفائقة للمسنين، في مفردات ضيقة أو مفهوم نمطي.
تكفي الروايات الكثيرة التي تحتفظ بها إدارة المركز وتتحفظ على ذكر أسماء أصحابها، ممن فضلوا المركز على البيت، واختاروا الحياة في جو يبعث على الحياة والفرحة والطمأنينة. هذا ما يمكن أن يتعرف إليه أي زائر لـ«مركز ملتقى الأسرة»،أما التفاصيل، فترويها لنا الدكتورة سلوى السويدي مدير المركز في هذا الحوار:
نود بداية أن نتعرف إلى المركز ونوعية خدماته، وهل هناك تصنيف لهذه الخدمات؟
المركز يعد من المراكز النموذجية في مجال الرعاية المتكاملة للمسنين، وهو يقدم ما هو أفضل لكبار السن سواء من حيث التجهيزات أو البيئة الداخلية والمحيطة، أو فرق العمل المتخصصة، والتي تضم نخبة من الأطباء وطواقم التمريض والفنيين والمساعدين، يدعمهم فريق محترف من الإداريين.
وشهد المركز مراحل تطور عدة منذ افتتاحه في العام 1993، كما شهد في السنوات الأخيرة طفرة نوعية، تعكس الحرص الشديد لدى كل فرد من العاملين في المركز، على الوصول لأرقى درجات العناية بكبار السن، وقبل العناية الصحية، هناك الرعاية الإنسانية المتكاملة، التي كان لها الدور الأساس في توثيق علاقة كبار السن بالمركز، الذي أصبح البيت الأول للكثيرين، الذين يفضلون البقاء على الخروج إلى أي مكان آخر، حتى بيتهم الأصلي.
أما عن نوعية الخدمات، فهي تتسع لتشمل الرعاية الصحية المطولة وهي تستهدف المرضى من كبار السن المقيمين بشكل دائم في المركز، والرعاية المؤقتة، لمن يقضون فترة محددة لاستكمال العلاج، وهناك نوع ثالث وهو الرعاية النهارية أو اليومية، التي لا تزيد مدة إقامة المسن من خلالها على يوم واحد خلال فترة النهار.
ضوابط
هل هناك ضوابط أو شروط محددة لاستفادة كبار السن من خدمات المركز؟
ليس هناك أية شروط، وما نقوله هو أن هناك قواعد لتنظيم العمل وتقديم الخدمات بشكل أفضل، والقواعد هنا توضح أن الفئة المستفيدة من خدمات الرعاية الصحية المطولة، تم تحديدها في المرضى المواطنين من إمارة دبي، ممن يبلغون من العمر 60 عاماً فأكثر، على أن يكون المسن خالياً من أية أمراض معدية، وأن يثبت البحث الاجتماعي عدم وجود أقارب له من الدرجة الأولى، وبالقواعد نفسها يتم تقديم خدمات الرعاية المؤقتة أو الإقامة المؤقتة، للمسنين في حال غياب أو انشغال راعي المسن نتيجة سفر أو ظروف طارئة، ويمكن استضافة المسن في المركز في فترة النقاهة أو العلاج الطبيعي المكثف، وفي حالات عدة أخرى منها استقباله مع مرافق بغرض تدريب المرافق على الأساليب الحديثة للعناية بكبار السن، ومهام التمريض الأساسية.
وماذا عن الرعاية النهارية، والمستفيدين من هذه الخدمة؟
من اسم هذه الخدمة يتضح لنا نوعيتها، فهي تختص بالمسنين المحولين إلى المركز من عيادات الرعاية الصحية الأولية أو من أحد مستشفيات الهيئة، حيث يحضر المسن لتلقي الرعاية الطبية والتمريضية المناسبة، وكذلك خدمات إعادة التأهيل والخدمات الاجتماعية، وغيرها من الخدمات، والتي يقوم عليها مجموعة من أكفأ الأطباء والمتخصصين، حيث يشرف على رعاية كبار السن طبيبان، إلى جانب 45 ممرضاً وممرضة، و8 متخصصين في إعادة التأهيل، واثنين من مختصي التغذية، فضلاً عن الطاقم الإداري الذي يضم 6 إداريين.
وصل مركز ملتقى الأسرة إلى مستوى النماذج العالمية التي يحتذى بها، كيف تحقق ذلك؟
هناك معايير عالمية معروفة معمول بها لتصنيف مراكز رعاية كبار السن، وهي متصلة بحالة وواقع المسنين ونوعية الخدمات المقدمة لهم سواء الوقائية أو العلاجية، إلى غير ذلك من خدمات الرعاية المتكاملة، ومن بين هذه المعايير نسبة السقوط عند كبار السن، ونسبة تقرحات الفراش، وتقييد المرضى وفقدان الوزن، واستخدام الأدوية المهدئة، والتطعيمات الموسمية والسيطرة على مرض السكري، وجميع النتائج كانت إيجابية بالنسبة لمركزنا وما يقدمه من خدمات.
اعددتم تقارير، أخيراً، لقياس مستوى رضا كبار السن عن خدمات المركز، فإلى أي مدى وصلت معدلات الرضا؟
قبل ذكر معدلات الرضا، علينا أن نشير إلى بعض الحقائق والمعلومات، في مقدمتها أعداد المستفيدين من خدمات المركز الثلاث «الرعاية المطولة، والمؤقتة والنهارية» ، والتي وصلت في المطولة إلى 25 مستفيداً، إلى جانب اثنين في المؤقتة، و124 مستفيداً في الحالات النهارية، وذلك وفقاً لإحصاءات العام 2015، وما أود الإشارة إليه هنا، ومن هذه الأرقام ونوعية الخدمات، هو تفاني الجميع داخل المركز من أجل تحقيق أعلى درجات السعادة للمسنين، كما أود الإشارة إلى المناخ العام للمركز وعلاقة كبار السن بالعاملين فيه، وارتباطهم الإنساني الوثيق الذي يمثل القيمة الأساسية للرعاية، حيث إن نسبة الرضا لدى كبار السن عن خدمات المركز وصلت لـ98% % في العام 2015، بعدما كانت 86 % في العام 2013، لكن الأفضل لنا من هذه المعدلات هو إسعاد المسنين، وبث روح التفاؤل والطمأنينة في أوساطهم، وهذا ما نلحظه في حالات كثيرة، منها تفضيل البعض للإقامة في المركز عن بيته الأصلي، والولاء الفريد من نوعه لدى البعض الآخر تجاه المركز، والزيارات المتكررة التي يقوم بها المسنون الذين استفادوا من خدمات مركز ملتقى الأسرة، سواء المؤقتة أو النهارية، واستمرارية البعض في الحضور إلى المركز.
من يأتي إلى المركز، يعود إليه، ويتملكه الشغف للبقاء فيه، وهذه السعادة لا توصف ومن الصعب قياس معدلاتها، لكنها تعكس نجاح المركز في تحقيق أهدافه، ورسالته النبيلة التي يعمل على أن يؤديها على أكمل وجه.
من الصعب كذلك وصف حالة الارتباط بين العاملين في المركز وكبار السن، والتي تتصل إلى آخر لحظات حياة المسن، وتمتد لما بعد ذلك، وفاءً لذكراه، حيث يشارك العاملون بالمركز في جميع المراسم الخاصة بالمسن بعد وفاته، تكريماً لذكراه.
تقارب
كيف حققتم هذا التقارب بينكم وبين كبار السن في المركز، هل المسألة مسألة خدمات فقط؟
كبار السن يحتاجون إلى من يستمع إليهم ويشعرهم بوجودهم وأهميتهم، وهذا ما نقوم به، ونعده من الواجبات الأساسية ومن مهمتنا التي يتفانى العاملون في أدائها، ويعزز هذا المنهج الإنساني الذي نسير فيه، مجموعة المبادرات التي تستهدف ربط المسنين بالمجتمع وإنجازاته وتطور الدولة، لتحفيز طاقتهم الإيجابية نحو الحياة والغد، إلى جانب تنظيم زيارات الشخصيات المجتمعية والمسؤولين في مختلف المؤسسات، وطلبة الجامعات والمدارس، الذين يتوافدون على المركز لقضاء ما تيسر لهم من الوقت، وهو ما يزيد شعور المسنين بالبهجة، حيث يهدف المركز إلى تحقيق الشيخوخة النشطة ودمج المسنين في المجتمع.
رسالة
قالت الدكتورة سلوى السويدي إن ما نقوم به في مركز ملتقى الأسرة لا ينحصر في الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية، ولا يقتصر على إعادة التأهيل والعلاج، فمضمون رسالة المركز وأهدافه واسعة النطاق والأثر، وهي تكمن في إسعاد المسنين، ورضا المسنين هو غايتنا وهدفنا، وما نجده من ابتسامة تعلو وجه أحد من كبار السن هو جائزتنا.