في السنوات الأخيرة، تصاعدت الحاجة إلى التوعية بواحد من أكثر الفيروسات شيوعًا وهو فيروس الورم الحليمي البشري. ورغم انتشاره الواسع، لا يزال الكثيرون يجهلون طبيعته، وأعراضه، وطرق الوقاية منه. هذه العدوى قد تمر دون أعراض ظاهرة في كثير من الحالات، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه هل كبار السن في مأمن من الإصابة به؟، في هذا المقال، سنكتشف الإجابة كما سنسلط الضوء على عدوى فيروس الورم الحليمي البشري، ونتناول أبرز أعراضها وأسبابها، مع تقديم معلومات موثوقة تساعد القارئ على فهم أعمق ووعي صحي أفضل.
ما هو فيروس الورم الحليمي البشري؟
فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) هو مجموعة من الفيروسات تضم أكثر من 100 نوع مختلف، تؤثر في المقام الأول على الجلد والأغشية المخاطية. يُعد هذا الفيروس واحدًا من أكثر العدوى الفيروسية شيوعًا التي تنتقل عن التلامس الجلدي. بعض أنواع فيروس الورم الحليمي البشري تسبب ثآليل جلدية أو تناسلية بسيطة، بينما هناك أنواع أخرى تُصنف على أنها “عالية الخطورة” بسبب ارتباطها بحدوث تغيّرات سرطانية، خاصة في عنق الرحم، والمستقيم، والحلق.
رغم أن العدوى غالبًا ما تكون مؤقتة وتزول من تلقاء نفسها دون أعراض، فإن استمرار بعض الأنواع في الجسم لفترة طويلة قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، خصوصًا عند غياب الفحص الوقائي أو التدخل المبكر.
أعراض فيروس الورم الحليمي البشري| هل تظهر دائمًا؟
رغم أن فيروس الورم الحليمي البشري واسع الانتشار، إلا أن معظم الأشخاص المصابين لا تظهر عليهم أي أعراض ملحوظة، وقد يمر الفيروس دون أن يشعر به المصاب، ويزول تلقائيًا خلال عام أو عامين بفضل الجهاز المناعي. وهذا ما يجعل اكتشاف العدوى صعبًا في كثير من الحالات، ويزيد من خطر انتقالها دون قصد.
ومع ذلك، في بعض الحالات تظهر أعراض تختلف حسب نوع الفيروس، وتشمل:
-
الثآليل التناسلية: تظهر كزوائد لحمية صغيرة، منفردة أو على شكل تجمعات، في المناطق التناسلية أو حول الشرج، وهي من العلامات الشائعة لأنواع HPV منخفضة الخطورة.
-
الثآليل الجلدية: قد تظهر في أماكن أخرى من الجسم، مثل اليدين أو القدمين، لكنها ليست دائمًا ناتجة عن الأنواع المنتقلة جنسيًا.
-
تغيرات في خلايا عنق الرحم: لا تُلاحظ إلا من خلال فحوصات روتينية مثل مسحة عنق الرحم (Pap smear)، لكنها قد تكون مؤشرًا مبكرًا للإصابة بأنواع HPV عالية الخطورة.
-
أعراض مرتبطة بأنواع خطرة: في حالات نادرة، وعند تطور الإصابة، قد تؤدي الأنواع عالية الخطورة إلى ظهور أعراض مرتبطة بمراحل ما قبل السرطان أو السرطان نفسه، مثل نزيف غير طبيعي، أو آلام مستمرة.
لذلك يُعد الكشف المبكر والفحص الدوري من أهم الخطوات لتشخيص العدوى قبل أن تتطور إلى مضاعفات صحية.
أنواع فيروس الورم الحليمي البشري: بين الأنواع الحميدة والمرتبطة بالسرطان
يتكون فيروس الورم الحليمي البشري من أكثر من 100 نوع، ولكن ليس جميعها يشكل خطرًا على الصحة. يُقسم الفيروس بشكل عام إلى نوعين رئيسيين:
1. أنواع منخفضة الخطورة (Low-risk HPV)
هذه الأنواع عادةً ما تسبب الثآليل الجلدية أو التناسلية، ولا تؤدي إلى تطورات سرطانية. من أبرزها:
-
HPV 6 وHPV 11: مسؤولان عن نحو 90% من حالات الثآليل التناسلية، وهي غالبًا غير خطيرة ويمكن علاجها.
2. أنواع عالية الخطورة (High-risk HPV)
وهي الأنواع التي قد تؤدي إلى تغيرات خلوية قد تتطور لاحقًا إلى سرطانات في حال لم تُكتشف أو تُعالج. أبرزها:
-
HPV 16 وHPV 18: يرتبطان بنسبة كبيرة من حالات سرطان عنق الرحم، بالإضافة إلى سرطانات الشرج، الحلق، والبلعوم.
لا يعني وجود النوع عالي الخطورة أن الشخص سيصاب بالسرطان بالضرورة، لكن استمرار العدوى دون متابعة طبية هو ما يزيد من احتمالية تطورها إلى مراحل خطيرة.
لهذا السبب، يُعتبر الفحص الدوري والتطعيم المبكر من أهم وسائل الوقاية، خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة.
متى يجب القلق؟ علامات تتطلب استشارة طبية فورية
في كثير من الحالات، يختفي فيروس الورم الحليمي البشري من تلقاء نفسه دون أن يسبب مضاعفات، ولكن في بعض الحالات الأخرى قد تظهر علامات تدل على تطور العدوى أو الحاجة لتدخل طبي. من المهم الانتباه إلى هذه الأعراض وعدم تجاهلها، خاصة في حال استمرارها أو تكرارها.
علامات تستدعي زيارة الطبيب:
عند ملاحظة ثآليل غير طبيعية تسبب ألمًا.
التشخيص المبكر يُعد المفتاح في الوقاية من المضاعفات، لذا لا تتردد في استشارة الطبيب عند ظهور أي من العلامات السابقة.
كيف يمكن أن يصيب كبار السن؟
مع التقدم في العمر، يضعف الجهاز المناعي بشكل طبيعي، مما يُقلل من قدرته على مقاومة الفيروسات، ومنها HPV. وقد يكون كبار السن قد تعرضوا للفيروس منذ سنوات دون ظهور أعراض، ثم عاد للظهور بسبب ضعف المناعة أو أمراض مزمنة.
أيضًا، قد يُصاب البعض بعدوى جديدة في حال وجود اتصال مباشر مع شخص حامل للفيروس، خاصة إذا كانت هناك جروح بسيطة في الجلد أو الفم.
هل يمكن الوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري؟
نعم، الوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري ممكنة وفعالة إلى حد كبير، خاصة عند الجمع بين أساليب الحماية السلوكية والتطعيم الطبي. ويُعتبر الوقاية هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذا الفيروس الشائع، خصوصًا أن معظم الإصابات تحدث دون أعراض وتُكتشف في مراحل متقدمة.
أبرز وسائل الوقاية:
التطعيم هو أفضل طريقة للوقاية من عدوى فيروس الورم الحليمي البشري وسرطان عنق الرحم وسائر أنواع السرطان المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري. ويمكن للفحص أن يكشف عن إصابات عنق الرحم السابقة للتسرطن التي يمكن علاجها قبل أن تتطور إلى سرطان.
نشر الوعي بأهمية هذه الخطوات يُعد ضروريًا في المجتمع، خصوصًا مع ازدياد نسب الإصابة في بعض الفئات العمرية.
يُعد فيروس الورم الحليمي البشري من أكثر الفيروسات المنقولة جنسيًا انتشارًا في العالم، ورغم أن العديد من الإصابات لا تسبب أعراضًا واضحة، إلا أن الفيروس قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل السرطان في بعض الحالات. لذلك، يعد الفحص الدوري، الوقاية عبر اللقاح، واستخدام وسائل الحماية الجنسية من أهم الخطوات للحد من انتشار هذا الفيروس.
الأسئلة الشائعة
1. هل يمكن علاج فيروس الورم الحليمي البشري؟
فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) لا يمكن القضاء عليه نهائيًا في جميع الحالات. في معظم الإصابات، يتمكن الجسم من التخلص من الفيروس بشكل طبيعي. ومع ذلك، بعض الأنواع قد تسبب مشاكل صحية تتطلب علاجًا، مثل الثآليل التناسلية أو التغيرات في خلايا عنق الرحم.
2. كيف أعرف إذا كنت مصابًا بفيروس الورم الحليمي البشري؟
غالبًا ما لا تظهر أعراض على المصابين بـ فيروس الورم الحليمي البشري، لذا يجب إجراء فحوصات طبية دورية للكشف عن الفيروس. النساء يمكنهن الخضوع لمسحة عنق الرحم (Pap smear) أو اختبار الحمض النووي للكشف عن الأنواع عالية الخطورة.
3. هل يمكن للرجال أن يصابوا بفيروس الورم الحليمي البشري؟
نعم، يمكن للرجال أن يصابوا بـ فيروس الورم الحليمي البشري، لكنهم غالبًا لا يظهر عليهم أعراض واضحة. يمكن أن يؤدي الفيروس في حالات نادرة إلى الثآليل التناسلية أو أنواع معينة من السرطان مثل سرطان الحلق.
4. هل اللقاح يحمي من جميع أنواع فيروس الورم الحليمي البشري؟
اللقاحات المتاحة حاليًا، مثل لقاح Gardasil وCervarix، تحمي من الأنواع الأكثر شيوعًا التي تسبب السرطان والثآليل التناسلية، مثل الأنواع 16 و18. ومع ذلك، لا توفر الحماية ضد جميع الأنواع، لذا من المهم إجراء فحوصات دورية.
5. هل يمكن انتقال فيروس الورم الحليمي البشري حتى إذا لم تظهر الأعراض؟
نعم، فيروس الورم الحليمي البشري يمكن أن ينتقل حتى عندما لا تظهر على الشخص المصاب أي أعراض. هذا هو السبب في أن الفحص الدوري أمر بالغ الأهمية للكشف المبكر عن العدوى.
6. هل يمكن الوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري؟
نعم، يمكن الوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري من خلال اللقاح، واستخدام الواقي الذكري أثناء العلاقات الجنسية، والحد من عدد الشركاء الجنسيين، بالإضافة إلى الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن التغيرات غير الطبيعية.
7.هل يمكن أن يتحول فيروس HPV إلى سرطان لدى كبار السن؟
نعم، بعض أنواع فيروس HPV تُصنّف كأنواع عالية الخطورة، وقد تؤدي إلى سرطانات في مناطق مثل الفم، الحلق، أو عنق الرحم. خطر التحول السرطاني يكون أكبر إذا لم تُكتشف العدوى مبكرًا أو في حال ضعف المناعة.
8. ما الفرق بين الثآليل العادية والمرتبطة بفيروس HPV؟
الثآليل الناتجة عن فيروس HPV غالبًا ما تكون لها شكل خاص مثل النتوءات الصغيرة، وقد تظهر في الفم، الحنجرة، أو المناطق التناسلية. على عكس الثآليل العادية، هذه الأنواع يجب تحليلها للتأكد من عدم وجود خطر سرطاني.
9. هل يمكن الوقاية من فيروس HPV في الكبر؟
يمكن تقليل خطر العدوى من خلال:
-
الحفاظ على نظافة الفم والجلد
-
تقوية جهاز المناعة
-
المتابعة الطبية الدورية للكشف عن أي تغيرات مبكرًا
-
الامتناع عن التدخين والممارسات التي تضعف مناعة الأغشية المخاطية
10. هل يوجد لقاح ضد فيروس HPV يناسب كبار السن؟
اللقاح مخصص غالبًا للفئات العمرية الصغيرة، لكنه قد يُنصح به لبعض البالغين حتى عمر 45 عامًا، وفقًا لحالة كل شخص وتقييم الطبيب. أما كبار السن، فالوقاية الأساسية لديهم هي الفحص الدوري وتقوية المناعة.
المصادر:
وزارة الصحة السعودية
مايو كلينيك