اعتاد كثير من الناس على شرب الحليب بشكل يومي خاصة في فطور الصباح، بعد أن تعلموا منذ الصغر أن الحليب مفيد للعظام، لكنّ الحقيقة هي أنّ البالغين يجب عليهم تقليل استهلاك الحليب لأدنى حد ممكن لأسباب تقرأها في هذا التقرير.
حليب البقر الذي اعتاد الناس عبر العالم على تناوله، هو في الأصل غذاء العجول الصغيرة، ويحتوي على كمية كبيرة من الهورمونات، وحال أن تكبر تلك العجول تفطمها أمهاتها من رضاعة الحليب. لكن الكثير من الناس يستمرون بعد بلوغهم فيتناول حليب البقر بإفراط متناسين تأثير السائل الأبيض المفعم بهورمونات النمو على أجسادهم.
الحليب يؤثر على البشرة ويجعلها أقل صفاء، عكس ما يشيع بين النساء خاصة عن فوائد الحليب لنقاء البشرة، وكشفت 14 دراسة في جامعة هارفارد الأمريكية أنّ شرب الحليب بكثرة يزيد من انتشار حب الشباب لدى اليافعين.
الحليب لا يقوّي العظام لدى البالغين، بل كشفت دراسة أجريت في السويد أن استهلاك البالغين لكميات كبيرة من الحليب قد يؤدي إلى هشاشة العظام وتكسّرها.
هذه بعض الآثار الجانبية للحليب على أجساد البالغين، لكن في المقابل لا يخفى أنّ له فوائد أيضا فهو يضخ للجسم المواد الدهنية والفيتامينات والكالسيوم والبروتين، وكلها مواد هامة في التغذية.
بيد أن أجساد الناس تتباين في قبول الحليب بعد البلوغ، وعلى الإنسان البالغ أن لا يفرط في تناوله، ولا يقطعه نهائياً بل يجب مراعاة حاجة الجسم له، وملاحظة آثاره الضارة في نفس الوقت، وبسبب غنى الحليب بمادة اللاكتوز فإنّ الكثيرين لا يطيقون شربه.
على كل حال، هناك بدائل عن الحليب، بعضها شائع في الأسواق، ومنها عصير اللوز، الرز، الصويا وحليب الفقمة المفعم بالفيتامينات.
السؤال هو هل الحليب مفيد؟ والجواب معقد ويعتمد على العمر والصحة والجنس، قد يكون الحليب بالنسبة إليك مشروباً يذكرك بالطفولة، أو مجرد بديل للماء، أو الشاي، أو القهوة. ومهما كان دوره في حياتك، وبلغت مبيعات حليب البقر 4.5 مليار دولار في فترة الـ20 أسبوعاً التي انتهت في 18 يوليو/ تموز، وهي زيادة بنسبة 11.7% بالمقارنة مع الفترة ذاتها في العام الماضي، وفقاً لبيانات “Nielsen”.
ولكن، هل الحليب جيد لك؟ الإجابة معقدة، وغالباً تعتمد على عوامل مثل العمر، والجنس، والحالة الصحية، ونظرت دراسة حديثة أجراها أخصائيو تغذية في جامعة “هارفارد”، وهما الدكتور والتر ويليت والدكتور ديفيد لودويغ، إلى دور الحليب في صحة العظام، والسرطان، وزيادة الوزن، ومخاطر أمراض القلب، والأوعية الدموية.
ونُشرت الدراسة في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين”، وعندما يأتي الأمر لزيادة الوزن، النتائج مختلطة، إذ وصلت الدراسة إلى التالي: “بشكل عام، لا تُظهر نتائج الدراسات الجماعية المرتقبة، والتجارب العشوائية أي آثار واضحة لاستهلاك الحليب على وزن الجسم على الأطفال أو البالغين”.
ومن المؤكد أن لشرب الحليب فوائد في البلدان التي تعاني من سوء التغذية. ولذلك، تُعد الجودة العامة للنظام الغذائي للفرد المفتاح في تقديم التوصيات، وبالنسبة للبالغين، توجد ارتباطات سلبية بين الحليب والصحة.
ورغم التوصية بتناول الحليب من أجل التمتع بـ”عظام قوية”، إلا أن البلدان التي تتمتع بأعلى كمية استهلاك للحليب والكالسيوم تعاني من أعلى المعدلات في كسور الورك، وفقاً لمراجعة في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين”.
وأظهرت الدراسات أيضاً عدم وجود فائدة واضحة لحد الكالسيوم من كسور العظام، وعندما يأتي الأمر للسرطان، وجدت المراجعة أن الاستهلاك العالي لمنتجات الألبان ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا، كما أن الاستهلاك العالي قد يساهم في الإصابة بسرطان بطانة الرحم، ولكن، يبدو أن له دور في التقليل من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وتُعد الصلة بين مرض السكري أو أمراض القلب والأوعية الدموية غير واضحة.
وفي النهاية، أشارت المراجعة إلى أن “الفوائد الصحية لاستهلاك كميات كبيرة من منتجات الألبان لم يتم تحديدها، وهناك مخاوف بشأن مخاطر نتائج صحية سلبية محتملة”، وعندما يأتي الأمر للرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 24 شهراً، يجب على الوالدين الاعتماد على الحليب كامل الدسم، والألبان كاملة الدسم، وفقاً للإرشادات التوجيهية الحالية من جمعية القلب الأمريكية، والأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، ومنظمات أمريكية رئيسية أخرى.
وبعد ذلك، إذا كان الطفل ينمو بشكل جيد، يجب على الوالدين الانتقال إلى منتجات الألبان قليلة الدسم في سن الثانية، وذلك من أجل حماية الأطفال من خطر السمنة وأمراض القلب، والأوعية الدموية، وفقاً للإرشادات الأمريكية الحالية.
ويُعد الخوف من السمنة أمر حقيقي. وفي العام الماضي، توقعت دراسة أجرتها منظمة السمنة العالمية أن عدد الأطفال الذين يعانون من السمنة حول العالم سيتزايد من 150 مليون طفل حالياً إلى 250 مليون بحلول عام 2030.
ومع ذلك، تم تحدي العلاقة بين منتجات الألبان كاملة الدسم، وزيادة الوزن، ومخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية مؤخراً، ووجدت دراسة نُشرت في مارس/آذار أن منتجات الألبان كاملة الدسم لا ترتبط بزيادة الوزن، والسمنة، أو أي مقياس لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ووجد باحثون في كندا أن الأطفال الذي تتراوح أعمارهم بين 1 إلى 18 عاماً، الذين استهلكوا الحليب كامل الدسم كانوا أقل عرضة للإصابة بالسمنة بنسبة 39% مقارنةً بالأطفال الذين استهلكوا الحليب قليل الدسم، ولكن كان السبب والنتيجة غير واضحين، إذ توصلت الدراسة إلى نتائجها عن طريق الملاحظة.
هذا ما يحدث لجسمك عند إضافة الحليب إلى القهوة!
البعض يفضل القهوة بدون إضافات أو منكهات وآخرون يفضلونها بالحليب. دراسة دنماركية ألمانية أظهرت أن إضافة الحليب للقهوة قد تساعد في مقاومة العمليات الالتهابية التي هي من بين أسباب أمراض كالزهايمر أو السكري من النوع الثاني.
ينبغي إجراء دراسات دقيقة أيضا لمعرفة الكمية أو المقدار المناسب من الحليب الذي إذا أضيف إلى القهوة يمكنه أن يحدث التأثير الإيجابي المنشود على جسم الإنسان.
تعد القهوة المشروب الساخن المفضل في ألمانيا، وبفارق كبير عن غيره من المشروبات. وهناك من يشربها يوميا بانتظام ولا يتخيل يومه بدون تناول قهوته المفضلة. وفي الثقافة الألمانية يوجد مثل مشهور معناه أن “الحليب ينشط الرجال المتعبين”. رغم ذلك فإن الآراء تختلف بقوة حول أيهما أفضل: شرب القهوة بدون إضافات أم مع الحليب؟
ووفقًا لمجموعة بحثية من جامعة كوبنهاغن في الدنمارك وجامعة درسدن التقنية بشرق ألمانيا، ربما يكون إضافة قليل من الحليب إلى القهوة هو الخيار الأفضل. وقد نشرت المجموعة هذه النتيجة في “مجلة الزراعة وكيمياء الأغذية “، بحسب ما كتبت زابينه فينكلر بموقع “فيلت” الألماني.
لماذا القهوة مع الحليب أفضل؟ توجد في حبوب القهوة مادة البوليفينول وهي من مضادات الأكسدة التي يمكنها حماية الخلايا في جسم الإنسان. وفي الوقت نفسه يحتوي الحليب على أحماض أمينية يمكنها أن تدعم التأثيرات المضادة للالتهابات لمادة البوليفينول المذكورة، ويمكن أن تتحد كلتا المادتين لتشكيل سلسلة بروتينية تحارب الالتهاب بشكل فعال. وكتب الباحثون في دراستهم أن سلسلة بروتين الحليب والقهوة مفيدة بمقدار الضعف في إيقاف العمليات الالتهابية في الخلايا المناعية.
وتقول فينلكر بموقع “فيلت” إنه يُشتبه في تلك العمليات الالتهابية في الجسم هي من بين أسباب أمراض مثل الزهايمر أو باركنسون أو داء السكري من النوع الثاني. وفي دراسة أخرى، تمكن الأطباء من إثبات أن بروتينات الحليب ترتبط فعلا بمادة البوليفينول الموجودة في القهوة.
لكن حتى الآن، لم تظهر النتائج إلا في أنبوب الاختبار. وقال أندرو ويليامز، عالم المناعة المشارك في الدراسة، في بيان صحفي: “من المثير للاهتمام أننا لاحظنا الآن التأثير المضاد للالتهابات في التجارب على الخلايا. وهذا طبعا أثار اهتمامنا بفهم هذه الآثار الصحية بشكل أفضل”. وأضاف وليامز أن “الخطوة التالية ستكون دراسة التأثيرات على الحيوانات”.
لكن ينبغي إجراء دراسات دقيقة أيضا لمعرفة الكمية أو المقدار المناسب من الحليب الذي إذا أضيف إلى القهوة يمكنه أن يحدث التأثير الإيجابي المنشود على جسم الإنسان. رغم ذلك، يتوقع الباحثون أن المعرفة يمكن أن تلعب دورًا في تطوير الأطعمة أو الأدوية في المستقبل.
وهناك أطعمة أخرى مثل الفواكه وبعض أنواع الخضروات أيضًا توجد بها مضادات الأكسدة في شكل مادة البوليفينول. ويريد الباحثون أيضًا أن يدرسوا بدقة أيضا إلى أي مدى يمكن أن تصبح تلك الأطعمة “أطعمة خارقة” (سوبر فود) إذا ما أضيف إليها اللبن الحليب، بحسب سابينه فينكلر.
الحليب: مصدر للكالسيوم أم مسبب للسرطان؟
من المعروف أن الحليب غني بالكالسيوم، لذلك يقبل الرضع والكبار والكهول على استهلاكه يوميا. بيد أن هناك من يحذر من مخاطره الصحية. فهل الحليب غني فعلا بالكالسيوم أم أنه مسبب للسرطان؟ إليكم أربعة حقائق عن الحليب.
ماهو معدل استهلاك الحليب في ألمانيا والاتحاد الأوروبي؟ يصل متوسط استهلاك الفرد في ألمانيا للحليب الطازج ومنتجاته إلى 90 كيلوغراما أو لترا سنويا. أي ما يعادل حوالي 53 لترا من الحليب و24 كيلوغراما من الأجبان وستة كيلوغرامات من الزبدة. أما في إيرلندا فيرتفع معدل استهلاك الفرد من الحليب إلى 142 كيلوغرام في السنة. وفي دول الاتحاد الأوروبي عموما يصل معدل استهلاك الفرد من الحليب إلى 65 كيلوغرام حسب إحصاءات نشرها معهد يوروستات التابع للمفوضية الأوروبية سنة 2013.
ماهي فوائد الحليب الصحية؟ صحيح أن اللوز والصويا يحتويان على الكالسيوم، لكنهما لا يستطيعان تعويض المكونات الغذائية التي يحتوي عليها حليب الأبقار. إذ يعتبر الحليب أكبر مصدر للكالسيوم، وهو عنصر أساسي لبناء الأسنان والعظام. الجمعية الألمانية للتغذية تنصح بتناول كمية غرام واحد من الكالسيوم يوميا أي ما يعادل حوالي ربع ليتر من الحليب أو شريحتين من الجبن.
هل من الصعب الإستغناء عن الحليب؟ ليس بالضرورة. “التغذية المتوازنة والصحية الغنية بالمكونات الغذائية النباتية يمكن أن تزود الجسم باحتياجاته الضرورية من الكالسيوم سواء مع استهلاك الحليب أو من دونه”، حسب رأي هانس هاونار البروفيسور في طب التغذية في مركز إلزه كورنر فريزنيوس التابع لجامعة ميونيخ التقنية في حديثه لصحيفة “تسايت” الألمانية. إذ أن بعض أنواع الماء المعدني والبروكولي والبقوليات كالحمص والعدس والفاصولياء كلها غنية بالكالسيوم.
من جهة أخرى تشير دراسات علمية إلى أن الكالسيوم – خلافا للمعتقدات السائدة – ليس بلسما فعالا لأمراض العظام. إذ أن الإصابة بمرض وهن العظام والمعروف أيضا بمرض هشاشة العظام ليس مرتبطا فقط بكميات الكالسيوم المستهلكة، بل بمدى قيام الإنسان بالحركة أيضا. دراسة نشرها معهد هارفرد الطبي أبرزت أن فيتامين دي، وليس الكالسيوم، يساهم في تخفيض نسبة الإصابة بمرض هشاشة العظام. كما يساعد الفيتامين دي الأمعاء الدقيقة على هضم الكالسيوم.
أين تكمن مضار الحليب الصحية؟ لا يعتبر الحليب المعلب والمتوفر في الأسواق منتجا طبيعيا نقيا، فهو مبستر ومغلى ليبقى صالحا لمدة طويلة. يهضم الجسم دسم الحليب كليا وهذا ما يزيد من وزن الجسم. يتم حلب الأبقار بانتظام وبكثافة لإنتاج كميات كبيرة من الحليب. هذا ما يعرض الأبقار لمشاكل صحية، لذا يتم حقنها بمضادات حيوية. إلا أن هذه الأدوية تخلف رواسب لدى الأبقار يمكن أن تنتقل إلى الحليب؛ لتؤثر بدورها على صحة الإنسان.
إذ تشير بعض الدراسات إلى أن الحليب على سبيل المثال يتسبب بالإصابة ببعض الأمراض كالسرطان والتهاب اللوزات. وتحذر دراسات أخرى من أن استهلاك الحليب قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات والخصيتين. إلا أن يورغن شريزنماير من المعهد الاتحادي لأبحاث الحليب، قلل في حديث له لصحيفة “تسايت” الألمانية من أهمية هذه الدراسات بالقول: “يوجد إلى الآن بعض المؤشرات، لكن لا توجد أي أدلة كافية على أن استهلاك الحليب يتسبب في الإصابة بهذه السرطانات”.
كثرة تناول الحليب قد تكون سببا للوفاة
من المعروف أن للحليب فوائد غذائية مهمة، إلا أن أبحاث سويدية خلصت إلى أن تناول الحليب ثلاث مرات يوميا يمكن أن يكونا سببا للوفاة، وذلك بعد إجراء أبحاث استغرقت 20 عاما.
أثبتت نتائج أبحاث طبية أن “الحليب من الممكن أن يكون بمثابة سم قاتل ويحمل الموت باكراً لمن يبالغ بالعيار ويتناول منه 3 أكواب يومياً”. وتوصل الباحثون إلى هذه النتائج بعد إجراء بحوث علمية مكثفة في قسم علوم الجراحة في جامعة “أوبسالا” بالسويد. وشملت الدراسة أكثر من 106 آلاف شخص، وأجريت على مدار 20 سنة بالنسبة للنساء، و11 عاما للرجال.
وأكدت النتائج أن خطورة الحليب تعود إلى مادة “الغالكتوز”، والمعروف كنوع من السكر يؤدي تناوله إلى ما يسميه العلماء بـ”الإجهادي التأكسدي”، والمسبب لالتهاب يختل معه نظام التوازن بالقدرة على إزالة السموم، وفقا لما نشرته صحيفة “بريتيش ميديكال جورنال” البريطانية.
ووفقا لنتائج الأبحاث فإن الحيوانات التي خضعت للتجارب والأبحاث العلمية في المختبرات ماتت قبل غيرها حين تم حقنها بمادة “الغالكتوز” وأن التجارب شملت 61433 امرأة، أعمارهن كانت من 39 إلى 74 سنة حين البدء بالأبحاث عليهن، إضافة إلى 45339 رجلا، أعمارهم من 45 إلى 79 سنة، وجميعهم كانوا يدونون كمية الحليب التي يتناولونها يوميا طوال 20 سنة للنساء و11 للرجال.
وأثناء الدراسة توفيت 15541 منهن، فيما تعرضت 17252 لكسور وتشققات في العظام، بينها 4259 كسرا في عظام الورك، في إشارة إلى أن الحليب لا يساعد على تقوية العظام كما كان يعتقد.
ووجد الباحثون أيضا أن النساء اللاتي تناولن 3 أكواب من الحليب، أو أكثر يوميا، كن 1.93 مرة أكثر قابلية للوفاة ممن تناولن أقل من كوب واحد يوميا، أي أن خطر الموت الباكر ارتفع 15% مع كل كوب يومي من الحليب في العشرين سنة. أما الرجال فلوحظ ظهور ما يسميه الأطباء “الانترلوكن 6″ لديهم، جراء تناولهم للحليب، مع عدم ظهوره لدى النساء.
و”الانترلوكن 6” هي بروتينات تحفز جهاز المناعة في الجسم لمقاومة الالتهاب، أي أن ظهوره لدى الرجال يؤكد ظهور التهابات جراء تناولهم للحليب. كما أكدت الدراسة أن شرب اللبن أو أكل الجبن أو اللبنة، ليس ضارا كتناول الحليب.
الحليب ومشتقاته درع واق للقلب.. لكن تجنب الزبدة!
كشفت دراسة كندية أن تناول الحليب ومشتقاته كالجبن والزبادي بشكل معتدل يومياً يسهم في الوقاية من أمراض القلب والدورة الدموية، فما هي الكمية التي ينصح بها الأطباء يومياً؟
منذ عقود تعد منتجات الألبان من الأركان المهمة للتغذية المتوازنة، لكن عدداً متزايداً من الخبراء يذهبون إلى أن الحليب ليس صحياً، بل وبعضهم يعتقد أنه مضر بالصحة. وكانت دراسة حديثة قد توصلت إلى أن البروتينات واللاكتوز مخصصة لنمو العجول، وليست للإنسان. وكانت حجة تدعم الذين يعارضون جعل الحليب من المواد الغذائية الأساسية. غير أن فريقاً آخر ممن يفضلون تناول الجبن واللبن ومشتقاته الأخرى يمكنهم الآن عدم الالتفات إلى مثل هذه الدراسات التي تتناقلها وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى. فقد نصحت دراسة جديدة بتناول منتجات الحليب بشكل معتدل، إذ يساهم ذلك في خفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب، كما كشف باحثون من جامعة ماك ماستر الكندية.
وبحسب موقع هايل براكسيس الألماني، المعني بالشؤون الطبية، فإن القائمين على الدراسة أجروا اختبارات على نحو 135 ألف شخص من 21 بلداً حول العالم، بينها كندا والسويد والبرازيل وبنغلاديش وتنزانيا. وتوجب على المشاركين فيها تقديم معطيات عن طبيعة تناولهم لمنتجات الألبان وكمياتها.
ومن ثم عمل الباحثون على تصنيف المعطيات إلى ثلاثة أصناف: استهلاك عالي الوتيرة، ومتوسط ومنخفض الوتيرة للحليب ومشتقاته. ووفق هذه المعطيات راقب الأطباء صحة المشاركين طوال تسع سنوات. وتوصلت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يتناولون يومياً ثلاث وجبات الحليب والجبن والزبادي، أنهم أقل إصابة بأمراض القلب والدورة الدموية، مقارنة بأولئك الذين يتناولونها بشكل أقل. كما أنها تقلل معدلات الإصابة بالسكتات القلبية.
كما أن خطر الوفاة بينهم جراء هذه الأمراض كان أقل بشكل واضح. ووجد الباحثون أن هذا التأثير الإيجابي لا ينطبق على الزبدة، بحسب نتائج الدراسة التي نُشرت مؤخراً في مجلة ‘The Lancelot’ العلمية. في هذا السياق تقول ماشيد ديغان المشاركة في الدراسة: “كمية معتدلة من الحليب تحمي القلب بدلاً من أن تضره”، لكنها تنصح بتجنب تناول أكثر من ثلاث وجبات يومياً، لأن منتجات الحليب تحتوي على الأحماض الدهنية المشبعة، التي تُصيب بالسمنة وما ينتج عنها من أمراض خطيرة.
وبحسب الباحثين تعادل الوجبة الواحدة كوباً من الحليب أو الزبادي بوزن 244 غراماً أو شريحة من الجبن بوزن 15 غراماً. وتم إجراء الدراسة بشكل رئيسي على أشخاص في دول تتمتع بدخل متوسط ومنخفض، والتي تُستهلك فيها منتجات الحليب بشكل أقل. وكذلك بالنسبة للأشخاص في الدول التي يتمتع مواطنوها بدخل أعلى، يمكن أن تكون النتائج على قدر كبير من الأهمية، لأن الكثير من الأشخاص يتجنبون مشتقات الحليب بسبب سمعتها السيئة.
دراسة قد تغير وجهة نظرك عن فوائد الحليب
يعتبر الحليب ومشتقاته عنصرا أساسيا في النظام الغذائي الصحي لما له من فوائد، إلا أن دراسة جديدة قد تغير وجهة النظر السائدة هذه، لاسيما اتجاه نوع محدد من الحليب.
وكشفت دراسة، نشرت في صحيفة “التغذية الجزيئية وبحوث الغذاء” العلمية، عن وجود صلة محتملة بين شرب الحليب كامل الدسم وزيادة خطر التدهور المعرفي.
وأجريت هذه الدراسة في إسبانيا، وضمت 4668 مشاركا يعانون السمنة المفرطة (48 بالمئة منهم من النساء) يبلغ متوسط أعمارهم 65 عاما، وقسمت منتجات الألبان المستخدمة في الدراسة إلى 4 فئات فرعية، وهي الألبان قليلة الدسم وكاملة الدسم والألبان المخمرة وغير المخمرة.
كما أجرى الباحثون العديد من اختبارات الأداء المعرفي، سواء في بداية الدراسة أو خلال فترة المتابعة لمدة عامين، لقياس قوة ذاكرة كل مشارك، ومدى انتباهه، والقدرة اللفظية والوظيفة والتنفيذية، وسمحت النتائج للباحثين برؤية التغييرات في الوظيفة المعرفية على مدار عامين بناء على استهلاك منتجات الألبان، ولم تظهر النتائج أي آثار سلبية على الأداء المعرفي بعد تناول الحليب قليل الدسم أو الزبادي أو الجبن أو منتجات الألبان المخمرة بشكل منتظم.
وفي المقابل، ارتبط تناول كميات كبيرة الحليب كامل الدسم، بمعدل أكبر من التدهور المعرفي خلال فترة عامين، وللحفاظ على وجود الحليب ضمن قائمة المشروبات الصحية، يمكن اختيار أنواع خالية من الدهون أو قليلة الدسم، حسب توصية الباحثين في الدراسة، كما يمكن الاعتماد على حليب السمسم أو الكتان أو الشيا، حيث تحتوي جميعها على مستويات أقل من الدهون المشبعة مقارنة بالصنف كامل الدسم.