أهمية التواصل مع كبار السن داخل العائلة من قبل أقاربهم ومجتمعهم، يعتبر وفاء لمن قدموا حياتهم في خدمة مجتمعاتهم وأوطانهم، إذ يعبر مسنون عن حاجتهم الى التقارب مع الأبناء والأحفاد ليكونوا الى جوارهم ، وليتحدثوا عن مواقفهم وتجاربهم وينقلوها الى الأجيال الجديدة رافضين العزلة والانزاء والعيش في دور المسنين.
وفي حديث لـ (بترا) تقول فاطمة عبد (80)عاما، ” مع تقدم العمر نكون بحاجة إلى أن نرى كل من نحبهم وتعبنا في تربيتهم إلى جوارنا، واتمنى دائما أن يجتمع حولي أبنائي واحفادي، واتذكر معهم الايام الجميلة، وهم يكبرون أمام عيني يوما بعد يوم، وأروي لهم ذكرياتي معهم،عندما كانوا يتفتحون على الدنيا، ويلعبون ويمرحون حولي، ويملأون حياتي بهجة وسرور”.
ولان قلب الأم يبقى متدفقا بالحب لابنائها، فهي تبرر ابتعادهم عنها لطبيعة الحياة هذه الأيام، وانشغالاتهم بالعمل وحياتهم الخاصة،إذ لا يجدون سوى أيام العطل والمناسبات كفرصة طيبة حتى نجلس معا ونتبادل الحكايات والذكريات.
ويرى الستيني احسان حلمي “ابو احمد”، أن الاهتمام والرعاية بكبار السن، يجب أن لا تنقطع بل ينبغي ان تكون ممتدة، مستذكرا أن سعادته لا تقدر حينما يحتفي به أبناؤه وأحفاده في كثير من المناسبات المحببة إلى قلبه، ويشعر بالفخر وهو يحكي لهم عن ذكرياته، وأهم المواقف التي مرت في حياته، وتركت أثراً في نفسه.
ويعتبر السبعيني محمد علي، أن الأجيال الشابة لديها وفاء، وتقدير لكبار السن، وهذه صفة أساسية في المجتمع الأردني ، الذي يعطي لكل ذي حق حقه، لافتا الى ان المناسبات الإنسانية تقرب بين الجميع وتشجع الشباب على التعرف على تجارب الأباء والأجداد،رافضا ان تكون نهاية حياة المسن في دور المسنين مهما كان الاهتمام بها.
ويشير السبعيني عبد الرحمن محمد اسعد، إلى أن الاهتمام من قبل الحكومة والجهات المعنية بكبار السن، معول رئيسي لتعرف الشباب والمجتمع بما يحتاجه المسن والاهتمام به.
ويقول ” اهتدي في كل عمل اقوم به منذ نعومة اظفاري، بهدي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لاسيما وانني نشأت وترعرعت في كنف عائلة محافظة متدينة”، متطلعا وهو الذي دخل العقد السابع من عمره، أن يرضي رب العالمين في كل ما يقوم به من نشاط وعمل يبتغي منه راحة البال ورضا الله ورسوله، أكثر مما يبتغي الصيت والسمعة في المجتمع.
ويؤكد مدير الاتصال في وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز رطروط، الاهتمام برعاية المسنين ، لافتا إلى زيارة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي مؤخرا لدار الضيافة للمسنين التابعة لجمعية الاسرة البيضاء في عمان،والتي ترتب عليها، مشروع انشاء صندوق رعاية المسنين، حيث تعكف وزارة التنمية الاجتماعية على ترجمته لحيز الوجود.
ويقول الرطروط، إن وزارة التنمية الاجتماعية بحكم التشريعات النافذة هي المعنية بالدرجة الاولى لقطاع رعاية المسنين وتقوم بالادوار المختلفة منها ترخيص دور رعاية المسنين التي وصل عددها حاليا الى “10” دور رعاية جميعها تتبع القطاعين الاهلي والخاص ،الى جانب الاشراف على دور رعاية المسنين المرخصة ووضع نزلاء تلك الدور البالغ عددهم “350” مسنا ومسنة، أكثر من نصفهم تقريبا على نفقة وزارة التنمية الاجتماعية. ويلفت أيضا الى قيام الوزارة بترخيص النوادي النهارية للمسنين، التي وصل عددها إلى “7” نواد ، وتسجيل الجمعيات المعنية برعاية المسنين وتنميتهم والاشراف عليها وتقديم الدعم للفاعل والنشيط منها ،وشمول الاسر التي يرعاها المسنين بالخدمات .
ويوضح أن ما يؤكد ذلك الذراع الايمين لوزارة التنمية الاجتماعية، وهو صندوق المعونة الوطنية الذي يشير واقع الحال الى ان ثلث الحالات التي يخدمها من فئة اسر كبار السن.
ولا يخفى تركيز الوزارة في مجال رعاية المسنين،الى الثقافة المجتمعية التي تحرص على ابقاء المسن في اسرته باعتباره صاحب مكانة اجتماعية، ولما يتمتع به من خبرات عملية تكونت خلال حياته.
ويؤكد الرطروط أن مرور الاردن بما يعرف بالفرصة السكانية ومفادها ان عدد الاطفال مقارنة بأزدياد عدد النشيطين اقتصاديا ضمن سن 15 – 64 سنة،اننا سنكون في العام 2030 امام ظاهرة المسنين في ارتفاع،بحيث يصل عددهم إلى قرابة نصف مليون الى 1.5 مليون مسن.
ويدعو بهذه الصدد الخبراء والجامعات والمؤسسات البحثية إلى تكثيف الدروس والابحاث المرتبطة بأحتياجات كبار السن وطرق تنميتها، وتعزيز النسيج الاسري فيما يخص رعاية المسنين لضمان وجودهم في اطار اسرهم الطبيعية وعدم الحاقهم في دور الرعاية، وكذلك تدريب الاسر على كيفية التعامل مع احتياجات كبار السن، سيما وأن هناك احتياجات نفسية وصحية واجتماعية واقتصادية، وايضا تشجيع المبادرات الاهلية التطوعية المرتبطة بالمسنين في احتياجاتهم وادوارهم وكانتهم وبرامجهم.
وبحسب أرقام هيئة الأمم المتحدة يعيش حاليا في العالم حوالي 700 مليون شخص تجاوزوا الـ 60 سنة ، وان عددهم بحلول عام 2050 سيصل إلى ملياري شخص، أي أنهم سيشكلون أكثر من 20 بالمائة من سكان العالم.
وتؤكد الأمم المتحدة، أن العالم يتقدم في السن، حيث تتوقع أنه في الـ 50 سنة القادمة أن يزداد عدد كبار السن نحو أربعة أضعاف، حيث سيزدادون من نحو 600 مليون نسمة إلى ملياري نسمة تقريبا. وأفادت الإحصائيات بأن هناك واحدا من كل 10 أشخاص قد بلغ سن الستين، كما وضعت منظمة الصحة العالمية مبادئ توجيهية تساعد البلدان على فهم أنواع البرامج التي يمكنها تنفيذها من أجل تحسين مرافق الرعاية الصحية والمدن لتتناسب بشكل أفضل مع احتياجات المسنين.