عمان – وسط توقعات بعودة موجة جديدة لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، أوصى مختصون بضرورة وضع سياسات وإجراءات تضمن توفير الرعاية الصحية لكبار السن.
يأتي ذلك، في وقت أظهرت به دراسة أعدتها مؤسسة “هيلب ايج – Help age” العالمية، أن 56 % من كبار السن في الأردن واجهوا صعوبات في الوصول الى الخدمات الصحية، فيما واجه 29 % منهم تحديات في الحصول على الأدوية، وذلك خلال فترة الحظر جراء ذلك الوباء.
وكان المجلس الوطني لشؤون الأسرة، نظم الأسبوع الماضي ندوة حول أثر “كورونا” على كبار السن، إذ أوصى المشاركون بضرورة قيام وزارة الصحة بتأمين علاجات كبار السن تحديدا أدوية الأمراض المزمنة وصرفها كل 3 أشهر لضمان توفر مخزون للمرضى.
وكانت الدراسة التي اعدتها المؤسسة في أيار (مايو) الماضي، أظهرت أن نحو 80 % من كبار السن في الأردن يعانون من مشاكل صحية، وكانت النسبة الاعلى تعاني من ارتفاع الضغط بنسبة 51 % يليها السكري 33 %، كما يعاني 70 % من كبار السن من اعاقة، إذ قال 41 % انهم يعانون من مشاكل في البصر يلي ذلك 29 % لديهم مشاكل في السمع.
واتفق المنتدون على أن كبار السن هم الأكثر تأثرا بالازمات بما فيها الأوبئة، سواء كان ذلك على الاصعدة الصحية، الاقتصادية، النفسية والاجتماعية، وفي الجانب الاقتصادي شدد المشاركون على ضرورة الاسراع في اقرار مسودة نظام صندوق كبار السن.
وبحسب أمين “شؤون الأسرة”، محمد مقدادي، فإنه تقرر تشكيل لجنة برئاسة أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية لدراسة انشاء الصندوق بما في ذلك الآثار والكلفة المادية والجوانب الإدارية المرتبطة بالصندوق ودراسة مسودة النظام التي تم اعدادها سابقا والرفع التنسيبات بهذا الشأن.
كما أظهرت دراسة “هيلب ايج” أن نحو 29 % من كبار السن واجهوا صعوبات في الوصول الى الغذاء خلال فترة الحظر، وارتفعت هذه النسبة بين النساء الكبيرات في السن لتصل الى 35 % بالمقارنة مع 17 % للذكور.
وبحسب الدراسة، فإن 15 % من كبار السن واجهوا صعوبات في الوصول الى المياة النظيفة.
الدراسة، التي شملت كذلك مجتمع اللاجئين في المخيمات والمجتمعات المضيفة، بينت أن 48 % من كبار السن ليس لديهم دخل ثابت، حيث تتوزع هذه النسبة: 35 % من مؤسسات الاغاثة، 11 % دعم من اقارب و2 % من القروض.
كما اعرب 45 % عن شعورهم بالقلق والتوتر، فيما قال نحو 31 % من كبار السن في العينة إنهم شعروا بالاكتئاب بسبب الأوضاع.
وبحسب العينة، فإن 78 % من كبار السن يعيشون لوحدهم فيما يعيش 22 % مع آخرين.
من جانبها، قدمت الخبيرة في قضايا كبار السن، أروى النجداوي، ورقة عمل خلال الندوة عن الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا على كبار السن، مبينة أنه “في الأردن كان كبار السن أكثر عرضة لفقدان أعمالهم مع انتشار آثار الجائحة عبر الاقتصادات، وهذا يقلل من فرص العمل ويؤدي إلى تسريح العمال من وظائفهم، وهنا تتحمل الفئة العاملة من كبار السن ومعظمهم يعملون بشكل مؤقت في قطاعات الحرف اليدوية أو الزراعية أو العمل من خلال المنزل، العبء الأكبر من فقدان أعمالهم و/أو عدم قدرتهم على تسويق منتجاتهم، ومن جهة أخرى، فان ارتفاع معدلات الأمية بين فئة كبار السن وعدم إلمام الكثير منهم بالتكنولوجيا، يحد من قدرتهم على استخدام التطبيقات الإلكترونية مما يعيقهم من مواصلة العمل عن بُعد”.
ولفتت النجداوي الى عدم قدرة كبار السن من أصحاب المهن (كالطبية، الهندسية، القانونية) من مزاولة أعمالهم بالشكل المطلوب وتراجع أعداد المستفيدين من هذه الخدمات سيترك أثراً غير مباشراً على القدرة الاقتصادية لأصحاب المهن بشكل عام وكبار السن بشكل خاص. وتطرقت كذلك الى مسألة ارتفاع معدلات الفقر بين كبار السن بسبب تراجع أو فقدان فرص العمل، مؤكدة أن ذلك سيؤدي حتماً إلى زيادة معدلات الفقر بين كبار السن، ما سيضع عبئاً أكبر على شبكات الأمان الاجتماعي الوطنية.
وأضافت النجداوي، أنه وفي حال اعتماد كبار السن على مصدر دخل من أحد أفراد الأسرة، وفقدان هذا الشخص لوظيفته، فان ذلك سيترك أثراً سلبياً على القدرة الاقتصادية لكبير السن في التكيف مع الظروف المُستجدة ويجعله أكثر عرضه وأفراد أسرته إلى حالة من الفقر.
واستعرضت النجداوي الإجراءات المتخدة من قبل الحكومة في ظل جائحة كورونا ومدى استجابتها لاحتياجات كبار السن في الأردن من الناحية الاقتصادية ومنها تخصيص نسبة لا تتجاوز (50%) من إيرادات اشتراكات تأمين الأمومة السنوية لتقديم إعانات عينية ومادية لغير المقتدرين من كبــار الســن والمرضـــى أو عائلاتهم بالطرق والآليات التي تحددها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، مشيرة إلى أنه وعلى الرغم من أهمية هذا الإجراء واستجابته لاحتياجات كبار السن، إلا أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لم تعلن عن مدى استفادة كبار السن من الإعانات المقدمة من خلالها.
ولفتت الى تعليق تطبيق تأمين الشيخوخة، قائلة، “اذ انه وعلى الرغم من أن هذا الإجراء الآني يخدم بشكل رئيس أصحاب العمل في القطاع الخاص، وقد يوفر على العامل اقتطاعات اشتراكات الضمان الاجتماعي لفترة 3 أشهر في ظل ظروف الجائحة إلا أن له آثاره العكسية على العامل على المدى الطويل بعد سن التقاعد بسبب نقصان فترة اشتراكه في الضمان الاجتماعي”.
وقالت “إنه على الرغم من أن التدابير التي نفذتها الحكومة الأردنية كانت تركز على المواطنين بشكل عام، إلا أنها افتقرت إلى التدابير أو البرامج الاقتصادية الموجهة لكبار السن تحديداً”.
وأوصت النجداوي بضرورة “تضمين مخصصات طوارئ في موازنات الوزارات المعنية لمواجهة المواقف غير المتوقعة ذات العلاقة بكبار السن وتعزيز مبادرات المسؤولية الاجتماعية وإطلاق صندوق وطني لهذا الغرض. هذا ويعتبر صندوق “همة وطن” بداية جيدة ويمكن إضفاء الطابع المؤسسي عليه من أجل الاستدامة والخروج بصندوق تمويل صديق لكبار السن”.
واشارت الى اهمية “الأخذ بعين الاعتبار الأثر الاقتصادي طويل المدى لـ”كوفيد 19″ على التمكين الاقتصادي لكبار السن وتوجيه الموارد تبعاً لاحتياجات كبار السن. وينبغي على وجه الخصوص أن تشمل التدابير الاقتصادية التي يجري تبنيها تقديم الدعم اللازم للأعمال الصغيرة والمتوسطة التي يملكها كبار السن لاستمرار ديمومتها”.
واقترحت النجداوي، “قيام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بصرف معونات نقدية فورية للمتقاعدين الذين تقل رواتبهم التقاعدية عن خط الفقر، لا سيما وان النسبة المئوية للمتقاعدين (وجوبي فعّال) الذين يتقاضون رواتب تقاعدية من هذه المؤسسة تقل عن خط الفقر الوطني بلغت حوالي 44.3 % تقريباً حتى نهاية العام 2015، ومن المؤكد أن هذه النسبة قد ارتفعت مؤخراً في ظل الظروف الاقتصادية السائدة”.
واكدت، “اهمية ضمان توافر قواعد البيانات اللازمة حول مدى استفادة كبار السن من المعونات التي تصرف لهم من الجهات المعنية ووضع وتنفيذ خطط وطنية تهدف إلى تمكين كبار السن اقتصادياً، أو النظر في إمكانية تنفيذ برامج دعم نقدية للتخفيف من أثر الجائحة على كبار السن، وأن يقوم المجلس الوطني لشؤون الأسرة بصفته الراعي الرسمي بمتابعة التنفيذ بالتشبيك والتنسيق مع الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة ليتمتع كبار السن بشيخوخة إيجابية تضمن لهم الحياة الكريمة والمشاركة الفاعلة في المجتمع والحياة الاقتصادية”.
المصدر : الغد