توصيات هامة في اختتام المؤتمر العربي حول رعاية كبار السن بمراكش
اختتم أمس الخميس 8 أكتوبر بمراكش المؤتمر العربي حول “كبار السن بين الرعاية الأسرية والمؤسسية” بالتأكيد على أن رعاية كبار السن هي مسؤولية مجتمعية تضامنية مشتركة بين الأسر والقطاعات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وأن حمايتهم أصبحت تُشكل تحدياً لكل الدول العربية بحكم التحولات الديمغرافية، وطالبت بالعمل على تكريس مبدأ اعتماد المسن على نفسه وعيشه في محيطه الأسري، وذلك بتثقيفه وتدريبه على متطلبات الصحة الوقائية والعناية الشخصية والعادات الغذائية السليمة والتفاعل الاجتماعي، وإيلاء ذلك أولوية أساسية في سياسات وخطط الدول العربية لرعاية ومشاركة وتمكين كبار السن.
وأوصى المشاركون بضرورة سن تشريعات تسمح بإنشاء مؤسسات خاصة وهيئات تعني برعاية كبار السن داخل الأسرة (التكفل)، ومنحها التسهيلات والضمانات القانونية والموارد اللازمة، وإقرار حق كبار السن في الرعاية الصحية الوقائية، واتخاذ تدابير التدخل المبكر للوقاية من المرض أو العجز أو تأخيرهما، وأيضا في خدمات الرعاية الصحية العلاجية بكافة أنواعها، بما في ذلك الخدمات الصحية العقلية والنفسية.
وشددوا على مراجعة الأحكام القانونية التي تقرر الإحالة الوجوبية على التقاعد ببلوغ سن معينة وإحلال أحكام مرنة محلها تربط هذه الإحالة بانعدام رغبة المسن في الاستمرار في العمل وقدرته على أدائه مع مراعاة حاجة الجهة صاحبة العمل، مع تجريم الامتناع عن قيام المكلف برعاية المسن بالواجبات التي تقتضيها الرعاية، وكذلك إهماله في القيام بها على النحو المطلوب، ومعاقبة كل شخص قادر على أن يقدم الإغاثة إلى مسن يحتاج إليها ويمتنع عن ذلك بعقوبة جزائية.
ودعت التوصيات إلى وضع تحفيزات قانونية وتنظيمية لتشجيع كبار السن للحصول على التعليم والتدريب، وإدخال التعديلات الضرورية على التنظيم القانوني لعلاقات العمل يتناسب مع قدرات وظروف كبار السن، وخاصة ما يتعلق منه بتحديد وقت العمل، وحساب الأجور على أساس وقت العمل المؤدى، وصياغة قوانين خاصة بحماية كبار السن في الدول العربية.
أما في مجال السياسات والآليات الوطنية والعربية والدولية فتجلت أبرز التوصيات في الدعوة إلى تبني سياسة إعلامية عربية مشتركة تعمل على تأسيس وعي اجتماعي ونفسي جديد بقضايا المسنين تتفاعل مع التحولات التي يمر بها المجتمع، بحيث تبلور رأي عام يتقبل قيام مجتمع لكل الأعمار، ودعوة الدول العربية إلى تعزيز العمل بالنهج الحقوقي الذي يقر بحقوق كبار السن، ويلزم بالوفاء بها لتمكينهم من أن يتمتعوا بشيخوخة مأمونة ويسهموا بفعالية الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
كما أكدت التوصيات في مجال الخدمات والحماية الاجتماعية على تعديل أنظمة التقاعد في الدول العربية، وإصلاح نظم تمويل منح التقاعد، بما يتلاءم مع المتغيرات الديمغرافية، والعمل على منح كبار السن في الدول العربية تسهيلات خاصة في مختلف مجالات الحياة اليومية، بما في ذلك حصولهم على تخفيضات في أسعار الخدمات الطبية المساعدة، وتيسير فرص أفضل لهم للاستفادة والاستمتاع بالمرافق والخدمات العامة، ومراعاة احتياجات كبار السن ومتطلباتهم عند تصميم وتخطيط المدن الحديثة والمرافق العامة وشق الطرق والشوارع، بما يسهل حركتهم والولوج إلى الخدمات، ويوفر لهم الارتياح النفسي والأمن الاجتماعي أسوة بغيرهم من فئات المجتمع في الدول العربية.
وأبرزت التوصيات أهمية إقامة مؤسسات للرعاية الإيوائية للمسنين في إطار الشراكة بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص، بحيث يكون هذا النوع من الإيواء الخيار الأخير للمسن في الدول العربية، ووضع معايير لجودة الخدمات، داعية إلى توسيع مظلة الحماية بأنظمة التأمينات والتقاعد الممولة بالاشتراكات لتشمل العاملين في كل من القطاع الرسمي وغير الرسمي، بما في ذلك العاملين لحسابهم الخاص، واتخاذ الإجراءات التي تضمن لكبار السن دون سند عائلي دخلاً ثابتاً.
وفي مجال التضامن بين الأجيال ودعم الأسر أكدت التوصيات على تضمين المناهج التعليمية، وفي مختلف المراحل الدراسية، موضوع توقير المسنين واحترامهم وتقديمهم في كافة مجالات الحياة، بما يربي ويعلم وينشئ الأطفال على أن المجتمع هو لكل الأعمال في الدول العربية، وإجازة قيام أسر بديلة برعاية كبير السن في منازلها، وتقديم الدعم لها من قبل الدولة، للقيام بهذه المهمة، وذلك بمنحها مساعدة مالية لتغطية تكاليف الرعاية في الدول العربية، والقيام بحملات توعية لنشر ثقافة التضامن بين الأجيال.
وبخصوص مجال إنتاج المعرفة وتتبع المعطيات والمؤشرات دعت التوصيات إلى إنجاز المزيد من المسوح والدراسات الميدانية في مجال كبار السن وإصدار بيانات دورية منتظمة حول مختلف جوانب واقع المسنين في المجتمعات العربية بغية الاستفادة منها واستثمار نتائجها ومؤشراتها في عمليات التخطيط والبرامج والمشروعات وبرامج الرعاية المقدمة لكبار السن، وإنشاء وتطوير الأقسام المتخصصة في علم الشيخوخة من أجل توفير وتقديم أوجه العلاج والرعاية النفسية والصحية والطبية والاجتماعية اللازمة لكبار السن في المراكز والأندية والعيادات الصحية الرئيسية، وتجهيزها بكل المتطلبات والإمكانيات الحديثة لمتابعة أحوال المسنين، مع دعوة الجامعات ومختلف مؤسسات التعليم العالي في الدول العربية لطرح برامج متخصصة تستهدف إعداد متخصصين للتعامل مع كبار السن بحيث يكون تأهيلهم العلمي يتناول الجوانب الاجتماعية والنفسية والصحية والتدريبية والتعليمية.