الصحة النفسية وكبار السن
صحيفة الوقائع رقم 280
أيلول/ سبتمبر2013
-=- حقائق أساسية
-
عالمياً، يشيخ السكان بسرعة. ومن المتوقع أن يصل عدد الأشخاص بأعمار 60 عاماً فما فوق إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما هو عليه الآن بحلول عام 2100.
-
إن الصحة النفسية والعافية الانفعالية أمران مهمان لدى كبار السن كما هو الحال في أية فترة أخرى من فترات الحياة.
-
الاضطرابات العصبية النفسية لدى كبار السن مسؤولة عن 6.6% من مجموع حالات العجز الكلي (سنوات العمر المصححة باحتساب العجز) في هذه الفئة العمرية.
-
حوالي 15% من البالغين بأعمار 60 سنة فما فوق يعانون من اضطراب نفسي.
كبار السن – وهم الذين بلغت أعمارهم 60 سنة أو أكثر – يقدمون مساهمات هامة في المجتمع كأعضاء أسرة، ومتطوعين، ومشاركين فاعلين في القوى العاملة. وعلى الرغم من أن معظم كبار السن يتمتعون بصحة نفسية جيدة، إلا أن العديد منهم معرضون لخطر الإصابة باضطرابات نفسية، أو اضطرابات عصبية، أو مشاكل تعاطي المخدرات، فضلاً عن العلل البدنية أو العجز.
-=-المشكلة
إن سكان العالم يشيخون بسرعة؛ فالتقديرات تشير إلى أن نسبة كبار السن في العالم ستتضاعف من حوالي 11% إلى 22% ما بين عامي 2000 و2050. وهذا يعني – بالأرقام المطلقة – زيادة متوقعة من 605 ملايين إلى ملياري شخص فوق سن الـ 60. وإن كبار السن يواجهون تحديات صحية – بدنية ونفسية – خاصة، ينبغي الاعتراف بها.
أكثر من 20% من البالغين بأعمار 60 سنة فما فوق يعانون من اضطراب نفسي أو عصبي (ما عدا اضطرابات الصداع) و 6.6% من جميع حالات العجز (سنوات العمر المصححة باحتساب العجز) بين من تجاوزوا الـ 60 تعزى إلى اضطرابات عصبية ونفسية. 1 وأكثر الاضطرابات العصبية النفسية شيوعاً في هذه الفئة العمرية هي الخرف والاكتئاب. واضطرابات القلق تصيب 3.8% من السكان المسنين، ومشاكل تعاطي المخدرات تصيب ما يقرب من 1%، وحوالي ربع حالات الوفاة الناجمة عن إيذاء النفس تكون بين من هم بأعمار 60 سنة فما فوق. 1 وإن مشاكل تعاطي المواد بين كبار السن غالباً ما يُتَغاضى عنها أو تشخص بشكل خاطئ..
هناك نقص في التعرف على مشاكل الصحة النفسية من قِبَل المتخصصين في مجال الرعاية الصحية ومن قبل كبار السن أنفسهم، وإن وصمة العار التي تحيط بالعلل النفسية تجعل الناس يترددون في طلب المساعدة.
-=- عوامل الخطر المتعلقة بمشاكل الصحة النفسية بين كبار السن
هناك عوامل اجتماعية ونفسية وبيولوجية متعددة تحدد مستوى الصحة النفسية لشخص ما في أية لحظة من الزمن. وإضافة إلى ضغوطات الحياة النمطية الشائعة بين جميع الناس، فإن كثيراً من كبار السن يفقدون قدرتهم على العيش بصورة مستقلة، بسبب محدودية الحركة، أو الألم المزمن، أو الضعف، أو غير ذلك من المشاكل النفسية أو البدنية، ويحتاجون إلى شكل من أشكال الرعاية طويلة الأجل. بالإضافة إلى ذلك، فإن كبار السن أكثر عرضة للمعاناة من حوادث مثل مشاعر الحزن والحداد، أو انخفاض الوضع الاجتماعي والاقتصادي في ظل التقاعد، أو العجز. وكل هذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى العزلة، وفقد الاستقلال، والشعور بالوحدة، والضيق النفسي لدى كبار السن.
الصحة النفسية لها تأثير على الصحة البدنية والعكس بالعكس؛ فعلى سبيل المثال، كبار السن الذين يعانون من ظروف صحية بدنية – مثل أمراض القلب – لديهم معدلات اكتئاب أعلى من أولئك الذين هم في حالة طبية حسنة. وعلى العكس من ذلك، فإن عدم معالجة الاكتئاب لدى شخص مسن مصاب بمرض القلب يمكن أن يؤثر سلباً على نتيجة المرض البدني.
إن كبار السن – كذلك – عرضة للإهمال البدني وسوء المعاملة. وإن سوء معاملة المسنين يمكن أن يؤدي ليس إلى مجرد إصابات بدنية، بل إلى عواقب نفسية خطيرة أيضاً، وأحياناً طويلة الأمد، بما في ذلك الاكتئاب والقلق.
-=- الخرف والاكتئاب لدى كبار السن كقضايا صحية عامة
الخرف
الخرف هو متلازمة يوجد فيها تدهور في الذاكرة والتفكير والسلوك والقدرة على أداء الأنشطة اليومية. وهو يصيب – بشكل رئيسي – الأشخاص المسنين، على الرغم من أنه ليس جزءاً طبيعياً من التشيخ.
تشير التقديرات إلى أن 35.6 مليون شخص في العالم مصابون بالخرف. ومن المتوقع أن يتضاعف العدد الكلي للمصابين بالخرف تقريباً كل 20 عاماً، ليصل إلى 65.7 مليون في عام 2030 و 115.4 مليون في عام 2050، مع كون معظم المصابين يعيشون في بلدان ذات دخل منخفض ومتوسط.
هناك قضايا اجتماعية واقتصادية كبيرة مرتبطة بالخرف، من حيث التكاليف المباشرة للرعاية الطبية والاجتماعية وغير الرسمية. وعلاوة على ذلك، فإن الضغوط البدنية والانفعالية والاقتصادية يمكن أن تتسبب في إحداث كرب كبير للأسر. ولا بد من تقديم الدعم من جانب النظم الصحية والاجتماعية والمالية والقانونية للأشخاص المصابين بالخرف وللقائمين على رعايتهم على حد سواء.
الاكتئاب
يمكن للاكتئاب أن يسبب معاناة كبيرة ويؤدي إلى ضعف الأداء في الحياة اليومية. والاكتئاب أحادي القطب يحدث لدى 7% من عموم الأشخاص المسنين، وهو مسؤول عن 1.6% من مجمل حالات العجز (سنوات العمر المصححة باحتساب العجز) بين من تجاوزوا سن الـ 60. هناك نقص في كل من تشخيص الاكتئاب ومعالجته في مواقع الرعاية الصحية. وإن أعراض الاكتئاب لدى كبار السن غالباً ما يتم التغاضي عنها وعدم معالجتها لأنها تتزامن مع غيرها من مشاكل المراحل المتأخرة من العمر.
كبار السن المصابون بأعراض اكتئابية يقومون بأداء أضعف مقارنةً مع أولئك المصابين بحالات طبية مزمنة؛ مثل أمراض الرئة أو فرط ضغط الدم أو السكري. كما أن الاكتئاب يزيد من تصور سوء الحالة الصحية، ومن الانتفاع بالخدمات الطبية، ومن تكاليف الرعاية الصحية.
-=- استراتيجيات المعالجة والرعاية
من المهم إعداد مقدمي الخدمات الصحية والمجتمعات من أجل تلبية الاحتياجات النوعية للمسنين؛ وهذا يشمل:
-
تدريب المهنيين الصحيين على رعاية المسنين،
-
توقي ومعالجة الأمراض المزمنة المرتبطة بالسن؛ بما في ذلك الاضطرابات النفسية والعصبية واضطرابات تعاطي المخدرات،
-
وضع سياسات مستدامة للرعاية طويلة الأجل والرعاية الملطفة،
-
تطوير خدمات وأوضاع مواتية للمسنين.
تعزيز الصحة
يمكن تحسين الصحة النفسية للمسنين من خلال التأسيس لتشيخ فاعل وصحي. فالتعزيز الصحي الخاص بالصحة النفسية للمسنين ينطوي على إيجاد ظروف معيشية وبيئات تدعم الرفاهية وتسمح للأشخاص بأن يبدؤوا بأنماط حياة صحية ومتكاملة. ويعتمد تعزيز الصحة النفسية – إلى حد كبير – على استراتيجيات تضمن للمسنين الموارد اللازمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية؛ مثل:
-
توفير الأمن والحرية،
-
إسكان لائق من خلال سياسات إسكان داعمة،
-
دعم اجتماعي لكبار السن من السكان وللقائمين على رعايتهم،
-
برامج صحية واجتماعية تستهدف الفئات سريعة التأثر؛ مثل أولئك الذين يعيشون لوحدهم، أو سكان المناطق الريفية، أو الذين يعانون من علة نفسية أو بدنية مزمنة أو ناكسة،
-
برامج لمنع استخدام العنف أو سوء المعاملة مع كبار السن،
-
برامج تنمية مجتمعية.
التدخلات
من الضروري الإقرار الفوري بوجود الاضطرابات النفسية والعصبية واضطرابات استعمال المخدرات لدى كبار السن ومُعالجتها فوراً. ويُنصح باستخدام كلٍّ من التدخلات النفسية الاجتماعية والأدوية.
لا يوجد دواء متاح حالياً لعلاج الخرف، لكن هناك الكثير مما يمكن عمله لدعم وتحسين حياة الأشخاص الذين يعانون من الخرف والقائمين على رعايتهم وأسرهم؛ مثل:
-
التشخيص المبكر، بغية تعزيز تدبير علاجي مبكر وأمثل،
-
تحسين الصحة البدنية والسيكولوجية إلى أبعد حد ممكن؛ بما في ذلك التعرف على: العلل البدنية المرافقة ومعالجتها، وزيادة النشاط البدني والمعرفي، وتحسين العافية إلى أبعد حد ممكن،
-
الكشف عن الأعراض السلوكية والسيكولوجية الصعبة، ومعالجتها،
-
تقديم المعلومات والدعم طويل الأمد لمقدمي الرعاية.