الأورام الدماغية هي الكتل أو النتوءات التي تنمو في الدماغ بشكل غير طبيعي، على خلاف النمو السليم للخلايا العصبية أو الخلايا الداعمة في النسيج الدماغي، وبعض أورام الدماغ تُعد سليمة من ناحية البنية النسيجية وهي مايطلق عليها علميا بالأورام الحميدة وبمجرد إزالتها فانها نادرا ما تعاود النمو، بينما البعض الآخر من الأورام تكون خبيثة سرطانية، تنمو أسرع من الأورام الحميدة وتهاجم الأنسجة المحيطة بها بقوة، وللورم تأثير كبير على الوظائف الحسية والحركية للمصاب.
أعراض المرض تتمثل في الصداع المقيت الذي يزداد فور الاستيقاظ صباحا، ويتأزم الموقف أكثر مع التقلصات والتشنجات في العضلات، والصعوبة في الكلام، وتبدأ الرؤية في الضعف تدريجيا، وتزداد الأعراض مع تزايد مراحل المرض، من ضعف وهزال مع صعوبة في الحركة وفقدان التوازن، وصعوبة التواصل مع من حول المريض مع تدهور في الذاكرة.
اسباب الإصابة
الأبحاث والدراسات الطبية حول هذا المرض لا تعرف بالتحديد ما الذي يسبب أورام الدماغ ولكن وجد أنها أكثر انتشارا بين كبار السن فوق سن 60، وأيضا تعتبر ثاني أكثر السرطانات شيوعا بين الأطفال بعد سرطان الدم، كما أنه أكثر شيوعا عند الذكور منه عند الإناث.
معظم المرضى المصابين باورام الدماغ بلا سبب مفهوم، ولكن نجح الأطباء في التوصل لأكثر من سبب، منها الوراثة كأن يكون هناك تاريخ عائلي مع المرض ولكن لايعني حتمية الاصابة به، فقد ينتقل المرض من أحد الوالدين الأب أو الأم نتيجة خطأ في أحد الجينات المشاركة في نمو الخلايا، وان كان هذا العامل الوراثي يمثل نسبة صغيرة من انتقال المرض فخطر الانتقال هنا ضعيف ولكنه بالنسبة للعلماء محتمل مهما كانت نسبته.
والى جانب الوراثة هناك السمنة، فيعتقد أن حوالى 2 ٪ من أورام المخ سببها زيادة الوزن، فالنساء اللائى يعانين من زيادة الوزن أو السمنة لديهن خطر متزايد للإصابة بنوع من ورم فى المخ يسمى الورم السحائى، وكذلك الأطفال حديثي الولادة الذين يزيد وزنهم على 4 كجم معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بأنواع من أورام المخ تسمى الأورام النجمية أو الأورام الجنينية.
كما تزداد فرص تصاعد أورام الدماغ من خلال التعرض لجرعات عالية من الأشعة المستخدمة في العلاج الاشعاعي الموجه للدم.
التشخيص
يقوم الأطباء بإجراء مجموعة من الإجراءات والتقنيات التشخيصية لتحديد نوع المرض، حميد أو خبيث، وتقدير حجمه ومكانه في الرأس وسرعة انتشاره، من خلال فحص بدني وعصبي كامل للنظر والسمع مع رصد وردود فعل العضلات وتناسق الحركة مع الإحساس.
يجرى رنين مغناطيسي للحصول على صورة كاملة للجسم والدماغ لتحديد وجود أي مناطق توجد فيها الخلايا الشاذة، وأيضا أشعة مقطعية للدماغ للبحث عن مناطق الخلايا السرطانية فيها،
كما يتم الحصول على عينة من السائل الشوكي وفحصه لمعرفة وجود خلايا سرطانية فيها أم لا، والخطوة الفاصلة في فحص المريض تكون بأخذ جرعة من خلال الجراحة أو الإبرة للحصول على بعض النسيج لفحصه في المختبر.
مراحل مختلفة
يمر سرطان الدماغ بأربع مراحل، الأولى وهي المبكرة وينمو فيها الورم السرطاني ببطء ونظرا لصغر حجمه يمكن التخلص منه نهائيا عن طريق الجراحة، وفي المرحلة الثانية يبدأ الورم في الانتشار في أجزاء أخرى من الدماغ ولكن أيضا مع النمو البطئ يسهل استصاله بالجراحة ويعقبها العلاج الكيمائي، ويدخل المريض في المرحلة الثالثة مع الانتشار السريع للمرض في الدماغ وقد يمتد لأجزاء أخرى من الجسم، وهنا بعد استئصاله جراحيا يتعرض المريض للعلاج الكيمائي والاشعاعي للقضاء عليه نهائيا.
وفي المرحلة الرابعة والأخيرة ينتشر ويتوسع الورم بصورة مرعبة يصعب معها علاجه والسيطرة عليه.
خطة العلاج
يتم تحديد الخطة العلاجية المناسبة للمريض بناء على مدى انتشار المرض في الجسم ونوعه ومرحلته، وهناك أكثر من طريقة للعلاج والأكثر انتشارا الجراحة والعلاج الكيمائي، والأكثر شيوعا العلاج الاشعاعي والذي يتم من خلاله تعريض المكان المنتشر فيه الخلايا السرطانية في الدماغ الى أجهزة اشعاعية تصدر أشعة ذات طاقة عالية تساعد على منع انتشار الخلايا السرطانية والقضاء عليها نهائيا.
ومن ناحية أخرى لا يلجأ الأطباء غالبا في أورام المخ الى العلاج الكيميائي حيث يتسبب في آثار جانبية خطيرة على المريض إلى جانب أنه يحد من وصول الأدوية إلى الخلايا السرطانية، واذا تم يكون باعطاء المريض بعض العقاقير الكيمائية بجرعات محسوبة بدقة لقتل الخلايا السرطانية المنتشرة في الدماغ.
والجزء الأهم في خطة العلاج تتمثل في الجراحة من خلال استئصال الورم السرطاني من الدماغ أو جزء منه بهدف القضاء على اكبر عدد من الخلايا السرطانية، ويمكن استخدام تقنية الجراحة الاشعاعية لقتل الخلايا السرطانية من خلال الحصول على صور تقصيلية دقيقة للدماغ، ويتم تسليط الأشعة على جزء محدد من الدماغ لقتل الخلايا السرطانية أو أكبر عدد منها.
ونظراً للمكان الحساس لأورام الدماغ، فإن الفريق الطبي المعالج يحرص على استخدام أكثر الإجراءات والتقنيات المتطورة لاستهداف الأورام الدماغية بأعلى درجات الدقة دون تعريض المريض لأي خطر في هذا الجزء الحساس من جسم الانسان
الورم الكاذب
عندما يتواجد الكثير من السائل النخاعي في الجمجمة ويتراكم فيها يرتفع الضغط على الدماغ ما يسبب صداعا في الرأس ويؤثر في الرؤية الطبيعية وهو ما ينجح الأطباء في تشخيصه ويطلقون عليه بالورم الكاذب، ويتعرض له الأطفال والمسنين والسيدات البدينات، وأعراض هذا الورم المخادع الى جانب الصداع والمشاكل في الرؤية تتمثل في الغثيان والقئ والدوخة، وألام في الرقبة أو الظهر أو الكتف.
ويتطلب الأمر إجراء بعض الفحوصات الطبية، مثل فحص العين خوفا من وجود تورم في العصب للمخ، وللبحث عن الأورام وجلطات الدم، ويشمل العلاج أيضا تناول أدوية أو إجراء عمليات جراحية للتخلص من السائل الدماغي الشوكي الزائد.
ويطلب الطبيب المعالج من المريض المتابعة عند طبيب للعيون للتأكد من عدم وجود تغييرات في الرؤية، كما يحذر المريض من الإفراط في تناول مكملات فيتامين أ والمضادات الحيوية، وبعدم الإفراط في تناول حبوب منع الحمل.
علاجات طبيعية
نبات الكركم الأصفر البرتقالي المعروف جيدا في عالمنا العربي، اكتشف علماء من جامعة فلوريدا الأمريكية أنه يمكن استخدامه كعلاج طبيعي في محاربة الأورام السرطانية المستعصية وأورام الدماغ، واكتشف هؤلاء العلماء أن المادة الموجودة في نبات الكركم والتي تتميز بخصائص مضادة للأكسدة لديها قدرة كبيرة على قتل الخلايا السرطانية ومحاربة انتشارها دون المساس بالخلايا السليمة، وثبت قدرتها على محاربة الأورام السرطانية في منطقة الدماغ والتي لها القدرة على المقاومة الشديدة للعلاجات الكيمائية.
وهذه الدراسة ليست الأولى التي تعظم من نبات الكركم وفوائده الطبية الكبيرة، فخبراء الصحة يؤكدون على أن المواظبة على شرب الكركم محلولا بالماء، أو إضافته إلى الطعام يساعد بشكل على التخلص من الوزن الزائد وله أثر كبير في علاج ارتفاع الضغط ومشكلات المعدة والجهاز الهضمي.
إصابات الأطفال
أورام المخ من أكثر الأورام شيوعا عند الأطفال حيث إنه يحتل المرتبة الثانية من حيث الانتشار بعد أمراض الدم، وهو مثل الكبار نوعان، حميد وآخر خبيث، ويتم التعامل معهما بنفس درجة الاهتمام لأن الورم الحميد ينمو فى أماكن خطيرة داخل المخ وبالتالي يتم التعامل معه بحذر شديد.
وينمو دماغ الطفل بنشاط منذ الولادة، وتبلغ ذروة الكشف عن الورم الدماغي عند الأطفال في سن الـ 4 سنوات، وغالباً ما يتم تشخيص المرض عند الأولاد، ويرتبط ورم الدماغ عند الأطفال حديثي الولادة باضطرابات في النمو في مرحلة الجنين، و تصاحب أورام الدماغ لدىهم تشوهات خلقية أخرى، ناتجة عن تأثير الإشعاع والمواد الكيميائية بشكل مباشر على الحمض النووي لخلايا الطفل، وتتسبب في ظهور ورم في الدماغ، ومن الصعب تحديد مسبب ورم الدماغ في كل حالة، ولكن هناك صلة واضحة بين المرض والعدوى الفيروسية للجهاز العصبي، كما تحتل العوامل الوراثية مكاناً بين أسباب أمراض الورم الدماغي.
وتظهر أعراض ورم الدماغ لدى الأطفال بوضوح مع زيادة حجم الدماغ، والى جانب الأعراض الخارجية الواضحة للورم الدماغي عند الطفل، يفقد الصغير اهتمامه باللعب ودائما يكون في حالة خمول ولامبالاة، ويعاني من اضطرابات في النوم، وتقلب المزاج مصحوبا بالبكاء، مع ضعف الذاكرة، كما يففقد الشهيىة بالتالي يفقد الوزن ويصبح جسمه في حالة هزال.
والأورام الخبيثة عند الأطفال متعددة الأنواع منها خفيفة ويرى الأطباء أن نسبة الشفاء منها تصل إلى 70% وأخرى إلى 50% وثالثة إلى 10%، وتتوقف نسبة الشفاء على نوع الورم واستجابة الطفل للعلاج، ويفضل استئصال أورام المخ الحميد، وفي حالة كون العملية خطرة على الصغير يتم استخدام بعض العلاجات الأولية التى تساعد الجراح فيما بعد على استئصال الورم من دون مشاكل.
وهناك تجارب على بعض الحالات التى تعانى من أورام خبيثة فى المخ تتطلب تقديم العلاج الكيماوى أولا لتساعد فى تحسن حالة الطفل ثم إجراء العملية، وهناك حالات أخرى تحتاج العلاج الكيماوى والإشعاعى فى نفس الوقت، وغيرها من الطرق التى تهدف الى انقاذ حياة الطفل من هذا المرض.
الذكاء الاصطناعي
في دراسة حديثة قام بها فريق من الباحثين الأمريكيين للحصول على نتيجة فحص دقيقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل سريع لورم في الدماغ من خلال إخضاع المريض لعملية جراحية، وبهذه الطريقة أكد الباجثون أنهم في أقل من دقيقتين ونصف توصلوا إن كانت الخلايا المأخوذة من المريض سرطانية أم لا، في مقابل 20 إلى 30 دقيقة بمعدل وسطي في التحليل العادي، ونجح الباحثون من خلال تقنية تصوير مبتكرة بالليزر وبرمجية حسابية في تحليل أكثر من 2,5 مليوني صورة.
وانطلاقاً من العينة المأخوذة، يسمح البرنامج بتحديد نوع الورم، وخلال تجربة سريرية شملت 278 مريضاً مصاباً بورم في الدماغ وضع الذكاء الاصطناعي تشخيصاً صحيحاً في 94,6 % من الحالات في مقابل 93,9 % للتحليل البشري، ويؤدي تطبيق هذا البرنامج تحسين التوصل للنتائج الصحيحة للتحليل البشري.
وأكد جراحو الأعصاب على أهمية تطبيق الذكاء الاصطناعي في المحافظة على الأنسجة السليمة والاكتفاء بانتزاع الأنسجة التي توغلت إليها الخلايا السرطانية ما يخفض من المضاعفات ويعطي نتائج أفضل للمرض.
المصدر :الخليج