المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية

ما أجمل رعاية «كبار السن» بحب!

هل هناك أجمل من قلبي الوالدين! القلب الحنون المحب المعطاء، الذي تفتحت أعيننا جميعاً بدفئهم وحبهم ورعايتهم لنا، فكم سهرت أمهاتنا على راحتنا والعناية بنا، وكم شقي وسعى آباؤنا في العمل وطلب الرزق لتوفير حياة كريمة لنا. من منا من لم يتذوق هذا الدفء وهذا الحب غير المشروط؟! أعطوا وسهروا واجتهدوا قدر ما يستطيعون من دون منة أو طلب مقابل، بل هو الإحساس الفطري في الإنسان، الذي أوجده الله – عزا وجل – فيه.

الوالدان هما بركة كل شيء، بركة الأسرة والعمل والمال، يكفي دعوة من قلبيهما لتقلب الموازين وتضج وتتحرك الأرزاق وتتفتح الأبواب، نعم فدعاء الوالدين غير كل دعاء.

الحياة مقسمة إلى مراحل متداخلة مع بعضها، ويتخللها أدوار يقوم كل فرد بها تجاه نفسه وتجاه الآخرين ومن ضمنهم الوالدان، السعيد من أدرك رضا الوالدين وقام بدوره على أحسن وجه، وهذا أقل ما يقدمه لوالديه، فهذه مسؤولية عظيمة ومتعة كبيرة لمن فهم المعنى في كسب رضاهما، وقبلهما رضا الله، عز وجل.

اليوم دور الأبناء في إكمال دور آبائهم والاهتمام بهم ورعايتهم من دون منة أو ضجر أو كره، هذا الاهتمام والرعاية واجبة، فلا بد أن يدرك الكل كيفية القيام بهذا الدور.

هناك الرعاية النفسية والمعنوية، التي تغفل عنها الغالبية، كبير السن يحتاج إلى التقدير والاحترام، أي لا يعني قيام الأبناء بهذا الدور أن يحاولوا طمس معالم الآباء والأمهات، فهم يحتاجون منا إلى أن نعطيهم قدرهم ومكانتهم حتى لو لم يعودوا يقومون بأدوارهم كالسابق بسبب ضعفهم أو قلة حيلتهم، وهذا ما يغيب عنا، بحيث يقدم البعض العناية الجسدية؛ المأكل والمشرب فقط، ما يحتاج إليه كبير السن الحب والاحتواء والاحترام، فلا نتطاول عليه في الحديث ولا نسقط عليه الرأي إجباراً، بل نشاورهم ونأخذ رأيهم لكي يشعروا بمكانتهم الرفيعة والغالية في قلوبنا.

ولنتأمل مشهد «ما» في مجتمعنا، غالباً من يقوم برعاية والديه حق الرعاية النفسية والمعنوية والجسدية تجده سعيداً موفقاً في أسرته وعمله وماله، لماذا؟ لأن طبيعة الإنسان أو فطرته تواقة لفعل الخير معطاءة للحب، هذه هي الفطرة السليمة، ومن يبعد عن تلك الفطرة الأساسية القائمة على الحب في كل شيء تجده يعاني الفراغ الروحي والنفسي، فالحياة كما قلت فيها مسؤوليات وواجبات وأدوار علينا القيام بها، وأيضاً أن نجيد التوازن بين أنفسنا ومن حولنا.

جميل أن يتفهّم أبناء اليوم هذه المسؤولية، وتوزيعها أيضاً بينهم، للأسف نجد بعض الإخوة يتهربون من رعاية أم أو أب، وتقع هذه المسؤولية على ابن واحد فقط، ما يشكل عليه في بعض الأحيان ضغطاً أو شعوراً بعدم مساعدة الإخوة له، لكنه ما يلبث أن يستشعر النعمة العظيمة التي سخرها الله له، نعم سيشعر براحة وسعادة داخلية كبيرة لا يعرفها إلا من جربها وقام بها، فهنيئاً لهم هذا الصنع، والجميل والعميق عندما يقوم الفرد برعاية والديه باستمتاع ومحبة فلا يشعر بالضيق، بل يشعر بالمسؤولية والحب معاً، وهذا هو سر هذه السعادة التي ينالها واعي القلب والضمير.

كبار السن يحتاجون إلى التحدث معهم وإعطائهم من الوقت والاهتمام بأنهم مازالوا حاضرين معنا، نستأذنهم عند الخروج، ونتشاور معهم لإعطائهم الشعور بأن قيمتهم مازالت موجودة، نربي أبناءنا أيضاً على هذا الاهتمام والرعاية الصادرة من القلب وليس فقط باعتبارها واجباً، فالحياة سلف ودين، وسيكون هؤلاء الأبناء فيما بعد آباء وكبار سن أيضاً، فهذه طبيعة الحياة.

نشكر أيضاً مجلس الشورى على إصدار قرار مشروع «نظام حقوق كبار السن ورعايتهم»، المتمثل تطبيقه بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وحرصهم على ما يخدم كبار السن، وهذه أيضاً مسؤوليتنا جميعاً.

المصدر : الحياة تجريبى

مشاركة

بيانات الاتصال

اتصل بنا

97333521334+

تواصل معنا

جميع الحقوق محفوظة لـ المدينة الرقمية لكبار السن في الدول العربية© 2022