توقعات بوصول نسبة العاملين في الـ65 أو أكثر إلى 8.3% من قوة العمل بأميركا في 2022
تراجع كثيراً التقليد المتبع في الولايات المتحدة الأميركية، وغيرها من البلدان، للتقاعد من العمل في سن الـ65. وكنتيجة لاستمرار الموظفين في أعمالهم لسنوات أطول، يدرس المتخصصون في التكنولوجيا وتنظيم بيئات العمل حلولاً جديدة لمواجهة التحديات الشائعة المُرتبطة بكبار السن، مثل إجهاد العين وآلام المفاصل.
وبينما مثّل الأشخاص في الـ65 من العمر أو أكثر نسبة 3% فقط من قوة العمل الأميركية في عام 1992، تضاعفت النسبة تقريباً في الوقت الراهن بحسب «مكتب إحصاءات العمل» الأميركي الذي يتوقع زيادتها إلى 8.3% بحلول عام 2022. وسيصل عددهم حينها إلى 13.5 مليون شخص، ومن المُتوقع أن يراوح عمر أغلبهم بين 65 و74، في حين سيكون عمر ما يقرب من 2.5 مليون شخص 75 عاماً أو أكثر. وبطبيعة الحال أسهم تحسن الرعاية الصحية وارتفاع معدلات الأعمار في هذا التحول. ووفقاً لبيانات «المركز الوطني للإحصاءات الصحية» في الولايات المتحدة، يتوقع أن يعيش الرجال الأميركيون الذين يصلون الـ65 من العمر 17.9 عاماً إضافياً، في حين يُتوقع أن تعيش النساء 20.5 عاماً إضافياً، ويتجاوز الرقمان بأكثر من الثلث معدل العمر في خمسينات القرن الـ20.
وفي ظل ذلك، يُفضل الموظفون الاستمرار في العمل لسنوات إضافية، سواء شغلوا وظائف مُربحة أو كانوا من ذوي الأجور المنخفضة الذين يرون أن المدخرات الهزيلة لا تسمح لهم بالتقاعد. كما أسهم في هذا التحول التصاعد المُطرد في قطاع الخدمات مُقارنةً بقطاع التصنيع، ما يعني حاجة الكثير من الوظائف إلى قدرٍ أقل من القدرة البدنية. وعلى الرغم من سهولة العمل في الوظائف المكتبية مُقارنةً بالعمل البدني الشاق، إلا أن بعض جوانبها يمثل صعوبات أمام الأشخاص في مراحل عمرية مُعينة. وبحسب ما قالت المُديرة العلمية لمركز الشيخوخة في «جامعة ميامي» الأميركية، سارة تشيا، يُصمَّم العديد من المنتجات مع وضع المستخدمين الشباب في الحسبان، من دون أن يُفكر المصممون دائماً في كبار السن.
ووفقاً لباحثين في شركة «كارل زايس فيغن» الألمانية المُتخصصة في صناعة عدسات النظارات، قد يتحول الموظفون الذين يتحققون مرات عدة في اليوم من البريد الإلكتروني والرسائل النصية والأخبار 100 مرة أو أكثر بين الرؤية البعيدة والقريبة. ويُمثل ذلك إجهاداً للموظفين الأكبر سناً بسبب تراجع قدراتهم على التركيز على العناصر القريبة، وهي حالة تبدأ خلال العقدين الرابع والخامس من العمر، وتسوء بمُعدل مُطرد. وبهدف التقليل من الإجهاد الرقمي للعين، نقلت عدسات «كارل زايس» المتقدمة منطقة القراءة لتكون أعلى وأقرب من العينين، وتأخذ في الاعتبار وضع الإمساك بالهواتف الذكية.
ومن بين التحديات الأخرى التي تُواجه العاملين الأكبر سناً، حصول أعين الأشخاص الذين تجاوزوا الـ60 على ثلث مقدار الضوء مُقارنة مع الأشخاص في العقد الثاني من العمر، نظراً إلى صغر حدقة العين وزيادة الضباب على العدسة. ويتطلب ذلك زيادة سطوع الإضاءة في مكاتب العمل، وتقليل الظلال والمناطق المعتمة قدر الإمكان، بحسب ما قال مدير المنتجات والاستراتيجية في شركة «هيرمان ميلر» لتصنيع أثاث المكاتب في ولاية ميتشيغان الأميركية، ريان أندرسون. ولا تكفي زيادة المصابيح على المكاتب، إذ يتسم الحد من الظلال والمناطق المُظلمة بالقدر نفسه من الأهمية. وأدى ذلك إلى ظهور نوعٍ جديد من تجهيزات الإضاءة التي تعلو الرأس، يشع الضوء إلى السقف من أجل تشتيت أفضل للضوء، بدلاً من الاكتفاء بتوجيه الضوء مُباشرةً إلى الأسفل.
وقال أندرسون إن «الموظفين من كبار السن عادةً ما يحتاجون إلى دعم لظهورهم، ويتسبب الاستخدام الدائم للحواسيب المحمولة واللوحية والانكفاء إلى الأمام على المكاتب في مشكلات صحية». وتُوفر شركة «هيرمان ميلر» حلولاً منها مكتب مزود بسطح قابل للانزلاق، يُمكن سحبه قريباً من المستخدم ما يسمح له بالجلوس في وضعٍ مُستقيم وإراحة ظهره على المقعد، واستخدام الجهاز المحمول من مسافةٍ قريبة. وطالما اهتم مُدير «معهد طول العمر الناجح» في «جامعة ولاية فلوريدا» الأميركية، نيل تشارنس بالبحث في التحديات التي تُواجه الموظفين كبار السن في استخدام فأرة الحاسب. وقال تشارنس: «أدرس الشيخوخة منذ فترة طويلة، والآن أبلغ من العمر 67 عاماً وصرت واحداً من الأشخاص الذين أدرسهم».
وأبدى تشارنس سعادته بإمكانية ضبط العديد من أنظمة التشغيل بما يُتيح عمل البرامج والوثائق من خلال نقرة واحدة بالفأرة، نظراً إلى أن النقر المزدوج قد يكون صعباً للأشخاص الأكبر سناً. كما قلل من حاجته الخاصة إلى التمرير للأسفل بوساطة الفأرة من خلال التحويل الجانبي للشاشة، إذ يكون التحكم في حركات العين أكثر سهولة مُقارنةً مع حركات اليد بالنسبة لكبار السن. ومنذ سنوات تُوفر شركة «مايكروسوفت» دليلاً على الإنترنت للتعامل مع المشكلات والصعوبات المُتعلقة بالعمر، يُوضح أموراً مثل كيفية تكبير العرض على الشاشات، وإبطاء حركات مُؤشر الفأرة من خلال ضبط إعدادات الحاسب.
وفي السياق نفسه، طورت شركة «آي سكويرد» Ai Squared في ولاية فيرمونت برمجية لمُساعدة الأشخاص الذين يُعانون من «الضمور البقعي» المرتبط بالعمر، ويُصيب في أكثر الأحيان كبار السن، حين يتسبب تدهور شبكية العين في فقدان الرؤية في مركز المجال البصري.
ويُمكن لتقنية شركة «آي سكويرد» تغيير ألوان العرض على الشاشة، ما يسمح للأشخاص الذين يُواجهون مشكلة في قراءة الخطوط السوداء على خلفية بيضاء، بتحويل ألوان رسائل البريد الإلكتروني وصفحات الويب لتظهر الكتابة باللون الأصفر على خلفية سوداء، ما يُسهل قراءتها. وقالت مديرة تسويق المشروعات في الشركة، ميغان لونج، إن «أحد المستخدمين دائماً ما يُغير لون الكتابة إلى الأرجواني ليظهر على خلفية وردية». وفي ما يتعلق بالموظفين الذين يتطلب عملهم الوقوف، يتوافر سجاد خاص يوازن الحمل الواقع على الكاحلين والركبتين والوركين، ومنذ ثمانينات القرن الماضي انتشر استخدام ما يُعرف باسم «السجاد المُضاد للتعب»، وطرأ عليه الكثير من التحسينات.، فمثلاً شهد عام 2009 ابتكار نوع من السجاد مُزود بمجموعات من الأسطوانات المطاطية المجوفة أسفل سطح السجادة لتوفير المرونة. ووفقاً لبيانات المجلس الوطني لمجالس التمريض في الولايات المتحدة، ففي عام 2013 ارتفع متوسط سن الممرضة في أميركا إلى 50 عاماً، مُقارنةً مع 47 عاماً في عام 2004. وربما تُساعد مجموعة متنوعة من التقنيات التي طُورت لمساعدة من يُعانون من إعاقات أو متاعب صحية في مساعدة الأشخاص على العمل لسنوات أطول. ومن ذلك مشروع لشركة «بوينغ» لمساعدة من يُواجهون صعوبات في الحركة على التنقل في المطارات في عربات ذاتية القيادة. وتبحث «جامعة كارنيغي ميلون» في روبوت لمرافقة من يُواجهون صعوبات في الرؤية.
وبدأت «وزارة النقل» الأميركية مُبادرة لتسهيل التنقل لمساعدة من يُعانون من صعوبات في التنقل، ومنهم الموظفون كبار السن. ويُسهم الباحث في «جامعة كارنيغي ميلون»، آرون ستينفيلد، في تطوير نظام «تيراميسو ترانزيت» الذي يُتيح التبادل الجماعي للمعلومات، في الوقت الحقيقي، عن أماكن الحافلات وحالتها من حيث توافر مقاعد شاغرة. واعتبر ستينفيلد أن مثل هذه البيانات بالغة الأهمية للأشخاص الذين يُواجهون مشكلة في التوازن أثناء الوقوف، أو من يستخدمون المقاعد المُتحركة.
المصدر : الإمارات اليوم